الخلافة على منهاج النبوة توحد بلاد المسلمين وأمريكا تسعى لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ!!
إن الخلافة على منهاج النبوة التي هي عند كل فقهاء المسلمين رئاسة عامة للمسلمين جميعًا، وهي لا تكون إلا بوحدة بلاد المسلمين كلها، وإزالة كل حدود سايكس وبيكو التي مزقت بلاد المسلمين، والتي تحاول أمريكا إعادة تقسيمها تحت مؤامرة “تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ” محاولة تنفيذها في بلاد المسلمين، وها نحن نرى شرها ظاهرا للعيان، يسير بروية كما يفعل اللص عند تنفيذ سرقته وجريمته، وكذلك ما بدأ من إجراءات في الشام وثورتها تمهيدًا للتقسيم، وهذه الإجراءت هي عينها التي فعلتها أمريكا هي وأذنابها العملاء في العراق من أجل تقسيمها فكانت لغاية الآن أنجح مثال يمكن أن يظهر للوجود!! وهو ما سنجعله مثالاً لتبيان سوء وخبث صنيعها في بلاد المسلمين، فقد صرح رئيس وزراء إقليم كردستان العراق “نجيرفان بارزاني” – الذي يتمتع بحكم ذاتي – قائلا: “إنه يعتقد أن العراق قد لن يبقى موحدًا!!”
إن مثل هذا التصريح والذي على شاكلته بما يخص العراق وبقية بلاد المسلمين، كثير، وهو يأتي بالتصريح تارة، وبالتلميح تارة أخرى، أما وقد أتى من صنيعة الغرب أو من العملاء والأذناب الذين خدموا وما زالوا يخدمون الغرب، وأعني بالغرب أمريكا والإنجليز بالذات، وهم أولياء النعمة بالنسبة لهؤلاء العملاء والأذناب، فإن له دلالات عميقة، ويجب قراءة ما بين سطوره وعلى المستوى الإقليمي، فالعراق ليس هو البلد الوحيد المستهدف في ساحة الصراع، والمهدد بالتقسيم والتشرذم بأكثر مما فعل سايكس وبيكو، في تقسيمات ما بعد الحرب العالمية الثانية. فالكفار قاطبة يتفقون عندما يحتدم الصراع مع المسلمين، وتكاد ترجح الكفة لصالح المسلمين، وما نقصده بالصراع اليوم هو فكرة الإسلام السياسي، ومشروع إعادة دولة الخلافة الإسلامية إلى الوجود مرة ثانية.
أما وقد فاقت الأمة من كبوتها، وأخذت تتلمس طريق عزتها ومجدها وإرضاء ربها، وبدأ أبناؤها بالتضحية بالغالي والنفيس، سواء قبل الربيع الذي انقلب إعلاميًا من ربيع عربي إلى ربيع إسلامي بمنظور شعاراته ورؤاه ورواده، فقد جُنَ جنون أمريكا والغرب قاطبة، وما إن وصل الأمر مع ثورة الشام ومخلصيها إلى طريق مسدود، وفشل الائتلاف السوري الصنيعة الأمريكية الذي لم يستطع إخفاء وجهه المعادي للثورة الشامية والأمة الإسلامية، والذي ما فتِئ يغازل الغرب وأمريكا، والمناداة بتطبيق أنظمة مدنية بعيدة كل البعد عن الإسلام حتى اختفى الائتلاف ومن يمثلونه عن الإعلام وعن الحلول المطروحة، وبقوا في أروقة الفنادق، وبين يدي البترودولار، والمناداة الشكلية بالمعارضة حال السماح لهم بذلك.
بعد الذي سبق في بلاد الربيع الإسلامي وخصوصًا الشام، والحرج الذي أصاب أمريكا، ونصيحة أوباما من قبل مستشاريه، وآخرهم المستشار في البيت الأبيض محمد الأبياري مستشار الأمن الداخلي الأمريكي الذي قال له: “الخلافة الإسلامية ستعود.. واحتواؤها الخيار الوحيد أمام واشنطن”. وقبلها بسنوات نصيحة الكاتب الأمريكي جون آشيا لأوباما بضرورة وضع استراتيجية للتعامل مع القادم الحتمي، ألا وهو الخلافة الإسلامية، فإننا نرى أمريكا تتوتر، ولا تستطيع التصرف بشكل قيادي كدولة أولى ومتفردة عالميا، بسبب إنهاكها بحربي أفغانستان والعراق، وتبعهما أزمة مالية خانقة ضربت وول ستريت وشركات الرهن العقاري، وهي الآن تهدد أمريكا ذاتها، ودولارها المليء بصحة سرطانية موهومة، يحسبها الظمآن ماءً؛ لذا فقد أعطت الضوء الأخضر لعملائها مثل إيران ومصر وتركيا والمالكي للتصرف بعسكرية وعنجهية ما أنزل بها من سلطان!!
ويبدو أن تصريحات تقسيم العراق يقابلها مثيل باليمن وسوريا وليبيا والبقية ستتبع، وهذا ما يحسبه بعض الناس مخططًا أمريكيًا وضع مسبقًا، وإن كان كذلك، فهو ليس بالشكل المطلوب، ولا بالزمان المرغوب، ولا بالأيدي العميلة التي يعتمد عليها الغرب الكافر، فهو مشروع مشوه أصلا وفصلاً، وتحقيقه مكلف ولا إمكانية لتنفيذه؛ ليدوم طويلاً على غرار سايكس وبيكو، فالوقت والزمان والمكان وأهله اختلفوا كل الاختلاف، فالأمة وعت سياسيًا وفكريًا أكثر بكثير مما كانت عليه سابقًا، وأصبحت إرادتها وحركتها تخيف الحكام العملاء ومَن وراءَهم مِن أسيادهم، وما تحرك أهل العراق والعشائر وأهل الشام إلاَّ إحدى الدلائل على إمكانية إفشال مؤامرات التقسيم، حتى وإن تمت شكليًا على غرار كردستان العراق، أو ما يقال عن الشام وتقسيماتها الجديدة.
من هنا نخاطب مخلصي الأمة وعقلاءها أن يلتفوا حول المشروع الإسلامي للأمة، والذي طرحه ويطرحه دائمًا حزب التحرير، ألا وهو إعادة بناء دولة الخلافة الإسلامية ووحدتها، وكسر كل حدود الكفر التي صنعها سايكس وبيكو الكافِرَين، وجمع الأمة على كلمة رجل واحد يحكمها بكتاب الله تعالى وسنة نبيه، فمقومات وحدتها أكثر من أن تعد، وأشهرها العقيدة الإسلامية، واللغة العربية لغة القرآن الكريم، وخيرية الأمة الإسلامية التي تقوم على أفضلية التقوى، لا أفضلية العرق والمذهب أو الطائفة أو الإقليم أو الشعب، وما شاكل ذلك من تجمعات لا تليق بأمة الإسلام وعقيدتها الإسلامية!!
فإلى ما يحييكم ويعزكم في الدنيا والآخرة ندعوكم أيها المسلمون، وإن لم تعملوا مع العاملين المخلصين من شباب حزب التحرير الذين يعملون جادين لإقامة دولة الخلافة، إن لم تقوموا بهذا العمل الذي يزيدكم شرفا إلى شرفكم، فلا أقل من أن تكونوا من رعاياها الذين لم يخونوها أو يطعنوها في الظهر!!
﴿وَاللهُ غَالِبٌ على أمرِهِ وَلَكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يَعلَمُون﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ وليد نايل حجازات (أبو محمد)