دور مصطفى كمال في هدم الخلافة
ذكرى هدم الخلافة الإسلامية 27 رجب 1342 هـ ـ 3 آذار 1924م.
دور مصطفى كمال في هدم الخلافة
ملاحظة: في 27 رجب 1342 هـ ألغى مصطفى كمال الخلافة وكان ذلك موافقاً لـ 3 آذار 1924م.
وفي هذا العام (1409 هـ ـ 1989م) يتطابق التاريخان 27 رجب و3 آذار
مصطفى كمال (مصطفى كمال) أصله من يهود سالونيك. وكان ماسونياً. وكان عميلاً للإنجليز. ساعده الإنجليز للوصول إلى السلطة ليهدموا بواسطته الخلافة الإسلامية التي كانت تقض مضاجع دول الغرب. وقد حقق لهم ما يريدون. ففي 1924 ألغى الخلافة وقضى على السلطنة.
وحوّل القرآن إلى اللغة التركية وألغى نظام الأوقاف والمحاكم الشرعية وقوانينها. وعمد إلى رفع الحجاب ومنع تعدد الزوجات وأمر بمساواة المرأة بالرجل حتى في الإرث، وحول جامع أيا صوفيا إلى مكان أثري. ومنع الطربوش وأمر بدلاً منه بالقبعة (البيزنطية)، وحذف من الدستور عبارة «الإسلام دين الدولة» ووضع فيه نصاً صريحاً على علمانية الدولة، وألغى تدريس العلوم الدينية، وجعل تلاوة القرآن داخل المساجد بالتركية بالحرف اللاتيني بلد الحرف العربي. وأمر الناس بتغيير أسمائهم وكناهم إلى أسماء طورانية. وأطلق الحرية الفكرية تجاه الدين، فجشع على التعرض له علانية وعلى انتقاصه. ونذكر على سبيل المثال أحمد أغاييف الذي كتب سنة 2933 مقالاً في جريدة اقتشام ندد فيه بالقرآن، وسفّه الإسلام.
كل ذلك جعل مصطفى كمال كافراً في نظر المسلمين مما جعل بعض الأجانب يدافعون عنه. ومن هؤلاء شيريل، سفير الولايات المتحدة وقتئذ لدى الجمهورية التركية، فقد ألف كتاباً عن مصطفى كمال قال فيه: (ولا بد لي من دحض المغتربات التي ترمي إلى تصوير مصطفى كمال بصورة الكفار والعدو للدين والتأكيد بأن الرجل مؤمن بالله). ومن هؤلاء بايرود دودج رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الأسبق الذي قال في محاضرة له سنة 1951: (قال سائر المسلمين أن الأتراك هجروا الإسلام لأنهم نبذوا الشريعة التي تمثل الإسلام. أما الأتراك فكانوا يريدون على ذلك بقولهم: لا، وإنما نحن غيرنا تفسير الإسلام، وسنحتفظ به على وجه آخر).
إلغاء الخلافة أو إعادتها لا يتوقف على هذه الجزئيات التي ذكرناها. وإلا لكان يحق لمن أبقى على الآذان وقراءة القرآن بالعربية، وأبقى على أحكام الوقف والإرث وتدريس العلوم الدينية، وأبقى على عبارة «الإسلام دين الدولة» ومنع التطاول على القرآن والإسلام، لكان يحق لهؤلاء الادعاء أن الإسلام مطبق عندهم وأن الخلافة مستمرة فيهم. ولكن هيهات.
والمؤسف أن القسم الأكبر من المشتغلين بأمور الوعظ والتوجيه الديني من الذين يؤلفون الكتب أو يكتبون المقالات، أو يلقون الخطب والمواعظ في المساجد، أو يلقون الدروس والمحاضرات في المدارس والجامعات، أو يتربعون على مراكز الفتوى الرسمية وغير الرسمية، المؤسف أن هؤلاء لا توجد عندهم أية غيرة على خلافتهم، ولا أي عمل من أجل عودتها. ويُخيّل لمن يسمعهم أنهم لا يفرقون بين دولة إسلامية تحكم بما أنزل الله ودولة علمانية تحكم بأنظمة من وضع البشر قبل بضع سنين جميع النميري في السودان بعض (العلماء) وتدارس وإياهم موضوع تحويل النظام نظام إسلامية فأرشدوه إلى تعديل بعض المواد في الدستور، وتصبح السودان الدولة الإسلامية المرجوّة. وقبل السودان استدعى القذافي مجموعة من (العلماء) ليضعوا له دستوراً إسلامياً فأشاروا عليه ببعض الملاحظات، وكفي الله المؤمنين القتال. وكان ذلك قبل نظريته الثالثة وكتابه الأخضر. ودولة الإمارات كانت قد طلبت دراسة من (العلماء) من أجل أن تصبح دولة إسلامية. وفي الباكستان كانت أصدرت جماعة إسلامية بياناً انتخابياً تتعهد فيه أنها ستجعل النظام إسلامياً إذا نجحت، وذلك من خلال تعديل خمس مواد في دستور باكستان. (علماء) السعودية يعلنون أن النظام في السعودية هو نظام إسلامي. وفي مصر أصدر شيخ الأزهر ثم أصدرت مجموعة (علماء) مصر بيانات النظام المصري أنه نظام إسلامي لا ينقصه إلا أمور صغيرة وهو في سبيله لإكمالها. وهكذا هو الحال في جميع بلاد المسلمين.
إذا انتقد خطيب الجمعة، مثلاً، حاكماً معيناً فهو ينتقد صفة معينة في شخص الحاكم أو سلوكه، وقَلّ أن يفطن للنظام الذي يطبقه الحاكم. وإذا طالبت جماعة إسلامية مثلاً، بأمور تهم المسلمين فهي لا تطالب بتطبيق نظام الإسلام، بل بأن يشارك المسلمون في تطبيق نظام الكفر.
إن عودة المسلمين إلى الإسلام كاملاً تعني عودة الإسلام ليكون كل شيء في حياة المسلمين. لا تبقي عند المسلم ولا في المجتمع الإسلامي أفكار قومية أو وطنية أو إقليمية أو عشائرية أو غربية أو شرقية. ولا تبقى متحكمة إلا أفكار الإسلام. ولا يبقى عند المسلم أو في المجتمع الإسلامي انبهار بحضارة شرق أو غرب ولا إعجاب بذوق شرق أو غربن ولا استيراد أنظمة من شرق أو غرب، ولا تبعية لقادة شرق أو غرب، ولا تأثر بأخلاق شرق أو غرب، ولا نفوذ أو استعمار لشرق أو غرب.
لا نأخذ من الشرق أو القرب إلا العلوم والصناعات. أما غير ذلك فلا محل إلا للإسلام وحضارة الإسلام وذوق الإسلام وأنظمة الإسلام وأخلاق الإسلام وعقائد الإسلام ومقاييس الإسلام. وبالإسلام نحن نقود الشرق والغرب.
حين هدم الكفار دولة الخلافة هدموا كل ذلك. ونادوا بالعلمانية، ونادوا بفصل الدين عن الدولة وعن السياسة وعن الحياة، وجعلوا إسلامنا كنصرانيتهم مقتصراً على بعض العبادات وبعض الأحوال الشخصية على قاعدة: (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله)، وعلى قاعدة: (الدين لله والوطن للجميع)، وتناسوا ما جاء به الإسلام من أن قيصر لله والوطن لله والجميع لله وكل شيء لله: ( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ).
الخلافة هي نظام الحكم في الإسلام إنها ليست نظاماً ملكياً وراثياً. وليست نظاماً فردياً (ديكتاتورياً). وليست نظام قيادة جماعية. وليست نظاماً جمهورياً أو ديمقراطياً تكون الحاكمية فيه للشعب. وليست نظاماً روحياً كنظام الفاتيكان. وليست نظاماً يعتبر الخليفة مقدساً ومعصوماً. كل هذه الأنظمة يرفضها الإسلام.
إنها طراز خاص بين أنظمة الحكم. إنها نظام جاء به الوحي، وطبّقه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وطبقه بعد خلفاؤه الراشدون،والتزمت به الأمة الإسلامية جيلاً بعد جيل إلى أن هدمه الكفار على يد مصطفى كمال.
في نظام الخلافة تكون السيادة العليا والحاكمية الأولى لله سبحانه. تحديد الحلال والحرام والخير والشر جاء بالوحي من عند الله. لم يكتفِ الإسلام بتحديد العقوبات والعبادات بل وضع أنظمة المعاملات والعقوبات والمطعومات والملبوسات والأخلاق، والعلاقات الدولية وشؤون الحرب والصلح والحكم والاقتصاد وكل شيء.
وفي نظام الخلافة يكون السلطان للأمة الإسلامية. والأمة الإسلامية تعطي هذا السلطان لخليفة واحد تبايعه على أن يلتزم بكتاب الله وسنة رسوله وتطيعه ضمن هذا الإطار وتحاسبه إذا قصّر أو انحرف.
في نظام الخلافة لا يعتمد تنفيذ القوانين على قوة الجندي وصرامة القانون كأساس، بل يعتمد أولاً على تقوى الله المترسخة في نفس الفرد المؤمن، لأن القوانين الإسلامية تكون منبثقة من عقيدة الناس، ولأن هذه القوانين هي جزء من الدين الذي يحترمه الناس ويقدسونه. ويعتمد ثانياً على هيبة الرأي العام وعلى قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يقوم بها كل مسلم. فالاسلام جعل جميع المسلمين مسؤولين عن المحافظة عليه وعن إحسان تطبيقه. ويعتمد ثالثاً على قوة الشرطي وعدالة القانون، إذ أن من لا يردعه عامل التقوى، ولا تردعه هيبة الناس وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، لا بد له من قوة السلطة، كما قال عثمان رضي الله عنه: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
حديث شريف
عن انس رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبايعها، ومبتاعها، وواهبها، وآكل ثمنها».
أخرجه الترمذي