مع الحديث الشريف – هُتاف الخلافة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى أبو داوود في سننه قال:حَدَّثَنَا هَنَّادٌ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ شِعَارُنَا أَمِتْ أَمِتْ
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:(فَكَانَ شِعَارنَا أَمِتْ أَمِتْ): قَالَ اِبْن الْأَثِير: هُوَ أَمْر بِالْمَوْتِ، وَالْمُرَاد بِهِ التَّفَاؤُل بِالنَّصْرِ بَعْد الْأَمْر بِالْإِمَاتَةِ مَعَ حُصُول الْغَرَض لِلشِّعَارِ، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا هَذِهِ الْكَلِمَة عَلَامَة بَيْنهمْ يَتَعَارَفُونَ بِهَا لِأَجْلِ ظُلْمَة اللَّيْل اِنْتَهَى. وَالتَّكْرَار لِلتَّأْكِيدِ أَوْ الْمُرَاد أَنَّ اللَّفْظ كَانَ مِمَّا يَتَكَرَّر، قِيلَ الْمُخَاطَب هُوَ اللَّه تَعَالَى فَإِنَّهُ الْمُمِيت فَالْمَعْنَى يَا نَاصِر أَمِتْ الْعَدُوّ، وَفِي شَرْح السُّنَّة: يَا مَنْصُور أَمِتْ، فَالْمُخَاطَب كُلّ وَاحِد مِنْ الْمُقَاتِلِينَ ذَكَرَهُ الْقَارِيّ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ.
وروى أبو داوود قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” إِنْ بُيِّتُّمْ فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حم لَا يُنْصَرُونَ”
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:(إِنْ بُيِّتُّمْ): بِصِيغَةِ الْمَجْهُول أَيْ إِنْ بَيَّتَكُمْ الْعَدُوّ أَيْ قَصَدُوكُمْ بِالْقَتْلِ لَيْلًا وَاخْتَلَطْتُمْ مَعَهُ.
قَالَ اِبْن الْأَثِير: تَبْيِيت الْعَدُوّ هُوَ أَنْ يُقْصَد فِي اللَّيْل مِنْ غَيْر أَنْ يَعْلَم فَيُؤْخَذ بَغْتَة وَهُوَ الْبَيَات اِنْتَهَى
(حم لَا يُنْصَرُونَ): قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ الْخَبَر، وَلَوْ كَانَ بِمَعْنَى الدُّعَاء لَكَانَ مَجْزُومًا أَيْ لَا يُنْصَرُوا، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار كَأَنَّهُ قَالَ: وَاَللَّه إِنَّهُمْ لَا يُنْصَرُونَ
وَقَالَ فِي النِّهَايَة: مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ لَا يُنْصَرُونَ وَيُرِيد بِهِ الْخَبر لَا الدُّعَاء …
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْمُهَلَّب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا.
إن اتخاذ شعار يهتف به لتمييز مجموعة معينة عن غيرها، أو دولة عن غيرها، هو من المباحات، وقد كان المسلمون يتخذون شعاراً يهتفون به عند ملاقاة الدول الأخرى في القتال، وحديثنا الأول لهذا اليوم يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أقر ذلك منهم … بل هو قد اختارلهم الشعار بنفسه في الحديث الثاني.
وعليه فإنه يجوز للدولة الإسلامية أن تتخذ شعارًا لها يُهتف به، يميزها عن غيرها من الدول، تستعمله في علاقاتها مع الدول، بحيث يكون مصاحباً للخليفة في زياراته أو عند زيارات رؤساء الدول له. وكذلك يمكن استعماله من عامة الناس في مناسباتهم يهتفون به في منتدياتهم، وتجمعاتهم العامة ومدارسهم، وإذاعاتهم، ونحو ذلك.
أما كيفية الهتاف، أي علو الصوت أو انخفاضه أو بغنة أم بدون غنة، فإن كل ذلك جائز، فقد كان المسلمون يرتجزون شعارهم بصوت مؤثر وفق المناسبة التي يصدعون به فيها
وقد تبنى حزب التحرير في دستوره أن يكون للدولة هتاف، تستعمله حيث يلزم، يصاحب الخليفة في لقاءاته الرسمية مع رؤساء الدول، وكذلك تستعمله الأمة في مناسبات معينة.
وقد روعي في هتاف دولة الخلافة الراشدة الثانية عند قيامها بإذن الله ما يلي:
1- أن يذكر فيه تحقق بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة الراشدة الثانية، وارتفاع راية العقاب، راية رسول الله من جديد
2- أن يذكر فيه بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه عند قيام الخلافة ستخرج الأرض كنوزها، وتنزل السماء بركاتها، وتمتلئ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جورا.
3- أن يذكر فيه الفتح ونشر الخير في ربوع العالم بعد أن تكون بلاد المسلمين قد أصبحت داخل فسطاط الخلافة، وفي الصدر منه المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى بعد إزالة كيان يهود من جذوره.
4- أن يختم بعودة الأمة كما أراد الله لها أن تكون: خير أمة أخرجت للناس، غايتها الكبرى رضوان الله سبحانه فيكرمها بفضله ورحمته وجنة الفردوس الأعلى.
5- أن يتكرر التكبير فيه، فالتكبير له وقع خاص في الإسلام وفي حياة المسلمين، فهو يتردد في انتصاراتهم وفي أعيادهم، وتلهج به ألسنتهم في كل مناسبة مؤثرة.
أسأل الله تعالى أن تعلو أصواتنا قريباً بإنشاد هذا الهتاف احتفاء بعودة الخلافة الراشدة الثانية، وما ذلك على الله بعزيز.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.