سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة السادسة: نبي الله داود عليه سلام الله خليفة
سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
الحلقة السادسة: نبي الله داود عليه سلام الله خليفة[1]
لو كان أي حاكم شديد الالتزام بأوامر الله ونواهيه في نفسه، في سلوكياته الشخصية ولكنه في الحكم لا يحكم بالشرع فإنما يتوعد الله أمثاله شديد العذاب يوم الحساب، فتأمل ما أولاه الله تعالى للحاكم من مسؤوليات وما توعده إن فَرَّطَ فيها من حساب:
فنبي الله داوود عليه صلاة الله وسلامه، على الرغم من أنه نبي.. والنبي خير العابدين لله صياما وقياما وذكرا وعملا صالحا ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ [ص: 18]. وداود عليه صلاة الله وسلامه قال فيه نبينا محمد ﷺ «أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلى الله صيام داوود». ورغم أنه النبي داوود المجاهد المقاتل المجهز للمجاهدين ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ﴾ ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾.. ورغم أنه صاحب الصوت الرخيم في التسبيح حيث تقف الطير في السماء من جمال صوته.. حيث قال النبي محمد ﷺ لصاحب الصوت الشجي في قراءة القرآن «لقد أوتيت مزمارا من مزامير داوود»… رغم كل هذه الأمور العظيمة في شخص النبي داوود عليه صلاة الله وسلامه.. لكن لما جعلَهُ اللهُ خليفةً حاكماً، وولاه الحكم وسدة الحكم ومنصب الرئيس… هدده الله وتوعده..إن لم يحكم بالحق (بالشرع) فسوف يعذبه عذابا شديدا ولا قيمة لكل سلوكياته الشخصية الصالحة، وأنه إن لم يحكم بالحق فإنه سيكون ضل عن سبيل الله، ونسي يوم الحساب! فقال سبحانه له.. ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: 17 – 20]. إلى أن قال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾. [ص: 26]، فبمجرد أن لا يحكم بالحق الذي أنزل، يكون اتبع الهوى، ويكون ضل عن سبيل الله، فله عذاب شديد، ويكون قد نسي يوم الحساب، فهذه طامة تحل بمن لا يحكم بالحق الذي أنزل، وإن كان في الأخلاق والورع على مستوى شخصه ما كان!
[1] جزى الله من نقلنا عنه هذه الفقرة خير الجزاء.