من ثورة شعوب على الظلم والفساد إلى خلافة عدل ورشاد
تراكمت الأوضاع البائسة والمؤلمة في عالمنا الإسلامي بشكل أرهق كاهل الناس وأنهكهم واستهلكهم فباتوا يشعرون معها بأن أحدا لا يأبه لمآسيهم وبأنه أكثر من أي وقت مضى لا وزن لهم ولا قيمة، فمعاناتهم تزداد والخراب يعم كل ما هو حولهم على كل صعيد سياسي واقتصادي واجتماعي وتعليمي وثقافي…
إن جذور الإسلام عميقة في الأمة الإسلامية، فلم تتمكن كل سياسات الطواغيت التغريبية من محوه أو القضاء عليه، فانطلقت الحشود من مساجده، وكانت أسخن أيام المواجهات مع النظام أيام جمعة، ولم تكن صيحات الله أكبر إلا تعبيرا عما في قلوب الناس من احتقار لقوة الطغاة أمام قوة الله وجبروته، وأنه ناصرهم على الفئة الحاكمة في أبسط تعبير عن مكنون الأمة المسلمة، وأن الإسلام وحده هو الكفيل بتحريكها وتفجير طاقاتها، فبه تستطيع أن تفعل المعجزات فهو سر حياتها ولن تقوم لها قائمة إلا به.
فالحل الصحيح لمشاكلنا ليس بالنظام الديمقراطي، ولا بطلب الاستعانة من الغرب، فلا ننظر للديمقراطية والنظم الغربية من منطلق الواقع المزري الذي أوصلنا إليه الحكام المجرمون ومن ورائهم الغرب المستعمر، إذ لو انطلقنا مما أوصلنا إليه الحكام المجرمون فإننا سنقبل بأي نظام آخر مهما كان فاسدا، ولو كان من أسوأ أنظمة الحكم، بل يجب أن ننطلق مما يجب أن نكون عليه، كأمة إسلامية صاحبة حضارة عظيمة، تحمل عقيدة حقة ونظاما ربانيا عادلا، مما يجب أن يسعى إليه كل إنسان يبحث عن الحق. وفوق ذلك، لو كانت الديمقراطية حلاً لمشاكل الناس، ولو كانت تحقق للناس الطمأنينة والعدالة، لو كانت كذلك فما الذي جعل شعوب الغرب نفسه ومنه أمريكا تثور وتخرج لتعبر عن رفضها للنظام الرأسمالي، وعن عدم رضاها عن نظامها الديمقراطي الذي يجري على أساسه توزيع الثروة بشكل يحصر الثروة والسلطة بيد قلة قليلة من الناس؟
فالغرب حين يطرح فكرة الديمقراطية في بلادنا، فهو ليس مخلصا لفكرته على ما فيها من عوار، وليس جادا في طرحه، فهو يطرحها فقط في وجه الإسلام، أي لإشغال الناس وصرفهم عن مبدئهم الحق، فهي فكرة استعمارية فوق كونها فكرة مناقضة للإسلام الذي تؤمنون به. فالإسلام يجعل من الواجب على كل من يؤمن به أن يجعل السيادة للشرع والحكم للقرآن والسنة والأمر لله وحده دون سواه.
بينما الديمقراطية تقول بأن الدين لا شأن له بالدولة، وتجعل الحكم للبشر، والتشريع للبرلمانات، في أبسط وأوضح تناقض مع بدهيات الإسلام التي تقول في أساسها الأول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ما يعني أن الحكم لله وحده والسيادة للشرع وحده.
يجب أن نكون على يقين، أنه لن يحصل تحرر حقيقي إلا بتحرر الأمة من كل أشكال التبعية للغرب، فكرية كانت أم سياسية، عسكرية أم اقتصادية، فلا يكفي لكي تتحرر الأمة أن نخلع حاكما، أو مجلس حكم ثم ننادي بالنظام الديمقراطي، ونرضى بالصلح الخياني مع يهود، ونسلم بالنفوذ الغربي في بلادنا… لا ينفع كل ذلك، بل لا بد من ثورة شاملة أساسها، لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ تنادي وتعمل من أجل بديل واحد لكل الأنظمة القائمة في العالم اليوم، والمتمثل بدولة الخلافة على منهاج النبوة، فتتحقق فينا وعلى أيدينا بشارة الرسول ﷺ بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة حين قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سناء بن صالح