الرأسمالية مبدأ يناقض الإسلام ويولد الأزمات فيجب إسقاطه
ظهرت العقيدة الرأسمالية في القرون الوسطى التي عاشتها أوروبا بعد الصراع الذي قام بين الملوك والقياصرة وبين الفلاسفة والمفكرين، إذ كان الملوك والقياصرة يتخذون الدين وسيلة لاستغلال الشعوب وظلمهم ومص دمائهم بزعم أنهم وكلاء الله في الأرض، وكانوا يتخذون رجال الدين مطية لذلك فنشأ صراع رهيب بينهم وبين شعوبهم فقام أثناءه فلاسفة ومفكرون؛ منهم من أنكر الدين مطلقاً ومنهم من اعترف به ولكنه نادى بفصله عن الحياة، وبالتالي عن الدولة والحكم (كحل وسط)، ومن هذا الصراع خرجت العقيدة الرأسمالية أي عقيدة الحل الوسط، فكانت هذه الفكرة هي القاعدة الفكرية التي عالجوا على أساسها جميع المشاكل في الحياة وهي العقيدة والأساس الذي يدعو الغرب العالم إليها، فقام الغرب بغزو البلاد الإسلامية فكريا ونشر أفكاره المغلوطة بين المسلمين حتى أصبحت أفكاره هي السائدة في البلاد الإسلامية.
وبعد أن نجح بتثبيت أقدامه في بلاد المسلمين وفرض سلطانه وهيمنته الفكرية والثقافية عليهم أخذ يعمل جاهدا ليجعل من أبناء المسلمين حُراسا لمزرعته وأساتذة في مدرسته حتى كان له ما أراد.
إلا أن المصيبة العظيمة والخطب الجلل الذي لم يتوقع أحد أن نصل إليه هي أن تكون غاية الاستعمار هدفاً من أهدافنا بل مطلباً لكثير من أبناء الأمة وأملاً يسعون إلى تحقيقه!
فأصبح المسلمون يتخذون من شخصية الغرب الشخصية المثالية والقدوة الصالحة وتركوا عقيدتهم وثقافتهم وهويتهم الإسلامية.
فأية مصيبة أكبر من أن نجعل عقيدة الغرب عقيدة لنا، وثقافته ثقافة لنا، وغايته أهدافاً لنا نقاتل ونضحي في سبيل تحقيقها وأن تكون أفكاره هي التي تحرك طاقاتنا وتُثير هممنا؟! حتى إن الحركات والتنظيمات الموجودة في الأمة والتي تحاول أن تنهض بها تعمل على أساس الأفكار الديمقراطية والعلمانية، فأصبحت الشوارع ترفع شعارات الحرية والديمقراطية والقومية وغيرها.
إلا أن هذه الأفكار وهذه الشعارات لم يتقبلها الناس ولم ينادوا بها إلا بعد أن ألبسُوها غير لباسها، فالديمقراطية ألبسُوها لباس الشورى والحريات ألبسوها لباس السيادة والعزة والتحرر والاستقلال.
إن الرأسمالية بنظام حكمها الديمقراطي نظام فاسد في جميع النواحي؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا يصلح أن يكون نظاماً للعالم لأن الأساس الذي قام عليه هو الحل الوسطـ فهو لا يقيم أي اعتبار لأي قيمة إلا القيمة المادية (المنفعة)، وهي سبب الشقاء والتعاسة والأزمات والحروب في العالم، فالعالم كله وبالأخص الإسلامي ينهار من جميع النواحي، فالفقر والجهل واضطراب الأمن وارتكاب الجرائم وغلاء تكاليف التطبيب والتعليم وسوء وسائل الموصلات والحاجات الأساسية من المأكل والملبس والمسكن غير متوفرة بشكل لائق للأغلبية العظمى من الناس، فكيف إذا كان الناس يريدون تحقيق الحاجات الكمالية؟!
وفوق ذلك بلاد المسلمين في حروب مستمرة أهلكت الناس وشردتهم بشكل فظيع وأصبحت بلادنا تحت سيطرة الدول المستعمِرة سياسياً واقتصادياً وثقافياً وحتى عسكرياً.
فنحن لا نملك حتى أدنى وسائل العيش الكريم مع أن بلادنا تملك كمية هائلة من الثروات المختلفة القادرة على أن تجعلنا من أقوى الأمم وأكثر الشعوب رفاهية، ولكن بشرط وهو وجود دولة تطبق الإسلام في الداخل وتحملة للعالم رسالة هدى ونور، ومنذ عمد الغرب بمعاونة من خونة العرب والترك على هدم دولة الخلافة في 28 رجب 1342هـ وحال أمة الإسلام في شقاء وتعاسة ونحن اليوم في الذكرى المئوية من هدمها.
من الواجب علينا أن نرضي ربنا ونحرر البشرية ونخرجها من جور الرأسمالية إلى عدل الإسلام وذلك بالعمل الجاد المجد لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي وعدنا الله بها وبشرنا بها سيدنا محمد ﷺ، وحزب التحرير العامل لهذه الغاية موجود بشكل حي في الأمة فانصروه واعملوا معه.