من أساليب الغرب الكافر في مواجهة جموح الإسلام في وقتنا الحاضر
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق ذو القوة المتين، وأشهد أن سيدنا ونبينا وقائدنا وقدوتنا محمد عبده ورسوله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة وهدى الله به الأمة وكشف به الغمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه وسلم تسليما كثيرا.
قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8] وقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: 32]، ومما لا شك فيه أن مشيئة الله تعالى هي السائدة وأن كلمته هي العليا وأن وعده هو الحق، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].
فرغم هجمات الغرب الكافر الشرسة عبر مئات السنين وخساراته الباهظة في إنشاء مراكز البحوث الاستراتيجية وإرسال البعثات التبشيرية واحتلاله العسكري للبلاد الإسلامية وتمزيقه لها وزرع كيان يهود في فلسطين وإنشاء حكومات عميلة له في كل بلد من بلاد المسلمين وإفقار الأمة واضطهادها ومحاولة طمس ثقافتها من خلال عملائه من الحكام والمثقفين المنبهرين بالحضارة الغربية وإرسال منظماته وجمعياته لإفساد هذه الأمة وإبعادها عن دينها، رغم كل هذا وما خفي أعظم، ورغم كل مكرهم إلا أن مكر الله أعظم. قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30].
فقد هاجموا الإسلام من كل جهة وبثوا سمومهم بين أبناء الأمة وأنشأوا الحروب بينهم وغيروا مناهجهم وأنشأوا جماعات مخابراتية وأسموها إسلامية لتقوم بالقتل والتفجير ولصقها بالإسلام، وتقوم مخابراتهم في وقتنا الحاضر بالتفجيرات والقتل في بلاد الغرب وإلصاقها بالإسلام والمسلمين، وتتكفل وسائل الإعلام الغربية بنشر هذه الصورة الإرهابية الوحشية للإسلام والمسلمين، كل هذا بعد أن يقوم مسئولوهم ومثقفوهم بسبّ الإسلام ورموزه كما نرى ونسمع، ثم يقومون بعدها بأعمالهم القذرة من تفجيرات وقتل ولصقها بالمسلمين. كما تقوم منظماتهم وجمعياتهم الموكلة بحمايتها في أوساط الأمة برفع تقاريرها بما تعانيه المرأة المسلمة من اضطهاد وظلم في البلاد الإسلامية وبما يعانيه الطفل وما يعانيه المجتمع من جور شرائع الإسلام من كبح للحريات وتنفيذ أحكام الحدود رغم أنها لم تعد تطبق من أنظمة الوقت الراهن، كما ينصرون ويساعدون في إذكاء نار الفتنة الطائفية والحروب في البلدان الإسلامية ونقل مشاهد القتل والتدمير والتعذيب في ما بين المسلمين، كل هذا وأكثر من أجل تشويه صورة الإسلام في بلاد الغرب خاصة وفي العالم عامة، بعد أن عرفوا وأيقنوا من خلال تقارير مراكز بحوثهم الاستراتيجية بأن الإسلام هو الدين الأسرع انتشارا في أوروبا والغرب، ومن خلال دراستهم بأن المسلمين أصبحوا يدركون الصحوة الإسلامية وأهمية وحدتهم من خلال الدولة الواحدة والأمة الواحدة، وهذا ما يقض مضاجعهم، فانتشار الإسلام في أوروبا والعالم وصحوة المسلمين ودعوتهم إلى الخلافة على منهاج النبوة أرهب أصحاب الباطل وأنصار الشيطان، فهم اليوم يسخرون كل طاقاتهم للحيلولة دون انتشار الإسلام وعودته كدولة، ويهاجمون بكل قوتهم لعدم وقوع ذلك أو على الأقل تأخيره، فهم يدركون ويعرفون حق المعرفة من خلال كتبهم ومن خلال علمائهم ومحلليهم أن الإسلام قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى الساحة الدولية كقوة عالمية عظمى، وأن نظامهم الرأسمالي قد شاخ وهرم وهو على فراش الموت بعد نظيره الاشتراكي، وما تصريحات زعماء أمريكا وأوروبا وروسيا بأن هناك مخططاً لإقامة دولة إسلامية راديكالية تمتد من إندونيسيا شرقا إلى إسبانيا غربا إلا دليل قوي على أن هناك من يعمل من أبناء هذه الأمة دون كلل ولا ملل لإحياء هذه الأمة من جديد وإعادتها إلى الساحة الدولية كقوة عظمى لنشر هذا الدين العظيم في الأرض والحفاظ عليه وعلى الأمة وقطع أياديهم التي تنهب خيرات هذه الأمة وخيرات العالم أجمع، ونصرة المظلومين في الأرض إن شاء الله تعالى. وإننا على يقين بعودته كما أخبرنا به سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله ﷺ وقد بشرنا بحديثين شريفين:
– قال رسول الله ﷺ: «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيباً، ثُمَّ يَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِنَ الْغُرَبَاءِ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ». وفي لفظ «يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي». وفي لفظ «يُحْيُونَ مَا أَمَاتَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي».
فالغربة في أول الإسلام صار بعدها الانتشار وصار بعدها الظهور والقوة والنصر على أعداء الله، ثم جاء النقص بعد ذلك بسبب اختلاف الناس وميلهم عن الحق واتباع الهوى من الأكثرية، وبعد الغربة التي في آخر الزمان يكون بعدها انتشار ويكون بعدها صلاح ويكون بعدها قوة وتمكين كما بدأ أول مرة.
– كما يقول المصطفى ﷺ في حديثه: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ».
ونحن في الذكرى الأليمة المئة لهدمها، فهذه هي بشارته ﷺ بعودتها راشدة على منهاج النبوة، جعلنا الله وإياكم من الداعين إليها والعاملين على إقامتها وعجل لنا الله بقيامها؛ قيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تعز الإسلام وأهله وتذل الشرك وحزبه.