الجهاد مسؤولية الأمة، وفي تركه ذلها
قال تعالى: ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
لقد بين أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه مدلول الآية في الحديث الذي يرويه البخاري: “وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرّاً دُونَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. فالتهلكة إذن هي ترك الجهاد في سبيل الله والاهتمام في شؤوننا الخاصة. وروى أبو داوود عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» كررها ثلاثا.
نعم، إذا ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله وآثروا حياة الدعة والراحة وركنوا إلى الدنيا، أصابهم الذل والهوان، وتعرض الإسلام للضياع، وزاد طغيان الكفر، وعرضوا أنفسهم لمقت الله تعالى وغضبه. فالجهاد هو مسؤولية الأمة باعتباره فرض كفاية، تأثم الأمة كل الأمة بتعطيله أو تركه.
والأصل في الجهاد أنه فرض مطلق غير مقيد، وعام غير مخصص؛ مما يدل على وجوب استمراريته سواء أكان المسلمون كثيرا أو قلة، كانت لهم دولة أو لم تكن، كان عليهم إمام عادل أو حاكم جائر. فالله سبحانه يقول: ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً﴾ ويقول أيضاً ﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾ ويقول جل من قائل: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾ كما أن الرسول ﷺ قال: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ» وقال ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا الْهَ إِلَّا اللَّهُ» وقال: «وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ».
فهذه النصوص وغيرها الكثير تطلب من المسلمين الجهاد بصورة مطلقة دون أن تقيدهم بظرف من الظروف، كما تطلب منهم قتال كل كافر حتى يقول لا إله إلا الله سواء أكان معتدياً أم لا، وتطلب منهم قتال من يليهم من الكفار سواء أكانوا معتدين أم لا، وتطلب منهم ديمومة الجهاد واستمراره إلى يوم القيامة سواء وجد اعتداء على بلاد المسلمين أم لا.
فهذه النصوص تدل على أن الحالة الأصلية للجهاد هي مبادأة الكفار لحمل رسالة الإسلام إليهم ودعوتهم بطريقة عملية لاعتناق الإسلام.
بينما كان جهاد الدفع معلقاً فقط بوجود اعتداء خارجي من عدو على بلاد المسلمين أو أعراضهم أو أرواحهم أو أموالهم، وهذه حالة استثنائية وليست حالة دائمة؛ لذا كان جهاد الدفع حالة استثنائية متفرعة عن حالة أصيلة.
والجهاد قوة مادية يأمر الإسلام أن توظف توظيفاً إيجابياً أساسه الناحية الروحية، ومنطلقه حمل الدعوة وفتح القلوب على الإسلام بعد أن يزيل الجهاد كل حاجز أمام العقول والقلوب لتختار عن طواعية، وشعار المسلمين في ذلك: “إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور المبادئ والأديان إلى عدل الإسلام”. فالمطلوب اليوم من المسلمين العمل بأقصى سرعة وبأقصى طاقة لإزالة هؤلاء الحكام وتنصيب خليفة للمسلمين يحكمهم بما أنزل الله ويخلصهم من هذا الذل الذي أصابهم بتعطيل الجهاد ومنعه. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. فتحوّل الأمة من الذل إلى النصر يكون بنصرة الله، أي بإقامة دينه في دولة، وإظهاره على الدين كله في الأرض بالجهاد، فيتحول الله لنا من سخطه إلى رحمته ومن نقمته إلى نصره ورحمته.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فدوى محمد – الأرض المباركة (فلسطين)