نعم يا بلیر! على الرغم من أجندة الغرب الممتدة لقرن من الانقسامات في الشرق الأوسط، فإن المستقبل سیكون حتماً مستقبلا إسلامیاً تقرره الأمة (مترجم)
لیست القومیة ولا الطائفیة التي یؤكد توني بلیر أنها ستكون الأساس الأیدیولوجي للنضالات السیاسیة في الشرق الأوسط، بل هو صراع سیاسي إسلامي تستمر بریطانیا وحلفاؤها في صده.
في ظهور توني بلیر كضیف على الإنترنت في معهد واشنطن في 11 كانون الثاني/ینایر 2021 بعنوان “الجغرافیا السیاسیة 2021 – أمریكا والشرق الأوسط والعالم” قال ما یلي: “وجهة نظري واضحة جدا، ولا یزال الشرق الأوسط مهما وإنه مهم للغایة. من المهم لأنه في الشرق الأوسط سیتم تقریر مستقبل الإسلام… لهذا السبب أعتقد أنه لا توجد سیاسة جیدة بشأن الشرق الأوسط الیوم لا تبدأ من تحلیل شامل لما كان الصواب والخطأ منذ مطلع القرن، أو ینبع من حجة تأطیر خاطئة حول الصراع الرئیسي في المنطقة. لأنه بخلاف ذلك ینتهي بك الأمر في موقف ترى فیه المنطقة على أنها صراع بین إیران والمملكة العربیة السعودیة أو بین الشیعة والسنة. لا لیس كذلك! إنها حقا لیست في النهایة. إنه صراع بین أولئك الذین یقولون إن الدین – ربما وجهة نظر واحدة في الإسلام – یجب أن یهیمن ویتحول إلى أیدیولوجیة سیاسیة، وأولئك الذین لا یفعلون ذلك. هذا هو الانقسام العمیق والأساسي… وبالتالي، من المهم للغایة أعتقد أننا نواصل الاعتراف بمسائل الشرق الأوسط، وأهمیتها الأساسیة، وهناك أشخاص یجب أن ندعمهم داخل المنطقة وهناك أشخاص یجب أن نقاومهم”.
ما هو في الشرق الأوسط على مدار المائة عام الماضیة هو بوضوح وجود أیدیولوجیات أجنبیة مثل القومیة والشیوعیة والرأسمالیة منذ تدمیر دولة الخلافة الإسلامیة التي حلت محلها الأنظمة العمیلة البریطانیة أو الأمریكیة التي حكمت. یخدمون أنفسهم ونخبة ضیقة ومصالح أجنبیة بدلا من خدمة شعوب المنطقة. هؤلاء الحكام مكروهون على نطاق واسع من أولئك الأشخاص الذین یترأسونهم. یستخدمون قواتهم المسلحة لغرضین رئیسیین؛ أولا، قمع شعوبهم لا سیما عندما یرون وميضاً للنقد السیاسي أو المشاعر، وثانياً لخدمة أية مصالح عسكریة غربیة تطلب منهم.
وأكثر الأنظمة العمیلة دیمومة هي السعودیة والأردن. نشأت السعودیة في وزارة الخارجیة البریطانیة منذ حوالي قرن من الزمان، ومنذ ذلك الحین أهدرت كمیات هائلة من الثروة المادیة. تتمتع الأسرة الحاكمة بعلاقات وثیقة مع بریطانیا والولایات المتحدة منذ ذلك الحین. الأردن شركة عائلیة مماثلة، أنشأها البریطانیون بعد الحرب العالمیة الأولى. نصبت بریطانیا أفرادا من نفس العائلة، یُنظر إلیهم على نطاق واسع على أنهم خونة للإسلام والمسلمین، لحكم العراق وسوریا لفترة وجیزة فقط لرؤیة سلالتهم یتم الإطاحة بها في هذه الأماكن من خلال الانقلابات والانقلابات المضادة التي رعتها بریطانیا والولایات المتحدة.
لذلك لم تشهد الأمة خلال المائة عام الماضیة فقط الإخفاقات والعواقب الكارثیة للسیاسات الاستعماریة البریطانیة أولا من خلال غرسها أفكارا أجنبیة مثل القومیة التي أدت إلى تفكك الوحدة الإسلامیة والخلافة العثمانیة، ولكن أيضا الإخفاقات والعواقب المستمرة، غزو “تغییر النظام” العسكري الأمریكي واحتلاله للعراق في عام 2003، والذي زرع الطائفیة بعنف بین المسلمین الشیعة والسنة مما أدى إلى صراعات بالوكالة بین السعودیة وإیران في الیمن وسوریا.
ومع ذلك، في عام 2021، كشف مجرم الحرب توني بلیر عن حقیقة هذا الصراع الأصلي الذي دام 100 عام بین أهل البلاد الإسلامية الذین یكافحون من أجل إعادة دولة الخلافة الراشدة التي كانت دائما عقيدة سیاسیة منذ 1400 عام وبين أولئك على الجانب الخطأ من التاریخ المضللین والمسحورین والمدعومین من أعداء الإسلام مثل بلیر والنخب السیاسیة الأخرى ومؤسساتهم ومنظماتهم.
لذا، نعم بالفعل، لا یزال مستقبل النضالات هو مستقبل إسلامي في الشرق الأوسط وفي جمیع أنحاء البلاد الإسلامية، وهو مستقبل تستمر بریطانیا وحلفاؤها في المشاركة فیه. ومع ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى ورسوله الحبیب ﷺ تنبأ بنتیجة هذا الصراع الكبیر وعودة دولة الخلافة على منهاج الرسول الكریم ﷺ بإذن الله.
لذلك فإن الخلافة لیست مجرد رجاء. إنها واجب إلهي، والیقین من عودتها أمر یحتفظ به المسلمون بثقة كبیرة. ورد ذكر عودته في أحادیث عدة، ولكن من أشهرها بلا شك الحدیث الصحیح في مسند الإمام أحمد، حیث یتنبأ النبي محمد بوضعنا الحالي (وفي الواقع “المراحل” التي تمر بها الأمة بعد وفاته) ویبلغنا بعودة الخلافة بعد زوالها.
وعلینا أن ندرك أن تزاید القهر الذي یتعرض له المؤمنون وحملة الدعوة إلى الإسلام هو في الحقیقة علامة على عودة الخلافة وإقرار عن حالة من یسعى لتأخیر المحتوم بذلك. الروایات التي تعلق على هذه القضایا كثیرة، لكن الروایة في مسند الإمام أحمد تعطینا موجزا لحكم الأمة عبر التاریخ، وتتقدم عبر مراحل تبدأ بالحكم في عهد النبي ﷺ وتنتهي بعودة الخلافة على منهاج النبوة.
روى أحمد بن حنبل، الذي نال لقب أمیر المؤمنین في علم الحدیث، دلالة على التمكن في علوم الحدیث، ومؤلف المسند الشهیر الذي یحتوي على 40 ألف حدیث، الحدیث التالي: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كُنَّا قُعُوداً فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلاً يَكُفُّ حَدِيثَهُ فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ فَقَالَ يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْأُمَرَاءِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ فَقَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» (مسند الإمام أحمد)