انتصارات المسلمين ستتوالى بإقامة الخلافة
﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ﴾
إن الصفعة التي وجهها الأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم من سجن جلبوع، هذه الصفعة القوية التي فضحت كيان يهود ونظامه الأمني الهش، قد أسعدت الأمة الإسلامية كلها. فرحة عارمة دخلت قلب كل مسلم بهزيمة يهود على يد ستة مجاهدين، فأشادوا بهذه البطولة والإصرار والعزيمة والصبر التي تحلى بها هؤلاء المجاهدون الأبطال. وقبلها بمدة قصيرة كانت فرحة الأمة الإسلامية بهزيمة أمريكا على يد حركة طالبان، فبعد عشرين سنة فشلت أمريكا عسكرياً أمام حركة طالبان وصبر وصمود الشعب الأفغاني المجاهد ورفضه الخضوع للاحتلال الأمريكي. وهو ما يثبت أن الأمة الإسلامية كما وصفها النبي ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
لكن لأن الإعلام العربي لا يريد من المسلمين أن يكونوا كما وصفهم نبي الأمة ﷺ كالجسد الواحد، ركزت مواقع الأخبار بأنواعها على قضية الأسرى الفلسطينيين. وفي مجملها تصف السجون ومدى التحصين فيها وحولها، وعن أوضاع المعتقلين الفلسطينيين النفسية والجسدية والصحية.
وهنا نتسائل: من لهؤلاء الأسرى؟ آلاف الأسرى وكثير منهم حكم عليهم أحكام مؤبدة، ومنهم من يعاني الأمراض المستعصية، ومنهم الأطفال، من سيحررهم؟ وليسوا هم وحدهم من يعانون من ظلم السجان، فالأرض المباركة فلسطين كلها محتلة، وشعبها منذ أن هدمت دولة الخلافة العثمانية، وجُلِب يهود من أصقاع الأرض واحتلوها، وأهل فلسطين يعيشون في سجن كبير، يعانون كما يعاني الأسرى المعتقلون في سجون الاحتلال الضيقة الموصدة بالأغلال؛ ظلم وقهر وفقر ومصادرة للأراضي وهدم للبيوت، واعتداءات على الحرمات والمساجد، وفي مقدمتها الاعتداءات والاقتحامات للمسجد الأقصى مسرى الرسول ﷺ.
أهل فلسطين كلهم ينشدون الحرية، ويتوقون لتحريرها من كيان يهود. على مدى عقود الاحتلال وأهل فلسطين صامدون مرابطون، متسلحون بسلاح العقيدة الإسلامية، ثابتون ثبات الجبال الرواسي، واثقون بنصر الله وبأنه آت لا محالة. قال جل وعلا: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾. لكن هذا الصمود وهذا الثبات، يحتاج لقوة السلاح لتزيد من قوته وصموده، وبالتالي إلى تحريره. فمَن القادر على تحريرها من براثن يهود؟ ومن الذي يملك القوة والقدرة على تحرير المسرى والأسرى؟
كانت فلسطين تحت احتلال الصليبيين زهاء مئة عام، فكان التحرير على يد القائد البطل صلاح الدين الأيوبي عندما قاد الجيوش الإسلامية فتحررت البلاد.
فالتحرير بيد الجيوش الإسلامية عندما يقودها خليفة المسلمين، يرفع راية الجهاد ويحرر ليس فلسطين وحسب، بل كل بلاد المسلمين التي ترزح تحت ظلم الكفار والمشركين، الذين يطبقون عليها أحكامهم وقوانينهم وتشريعاتهم الوضعية المخالفة والمناقضة للشريعة الإسلامية. لذلك على المسلمين أن يعملوا بكل جهد وإخلاص إذا كانوا يحبون الله سبحانه ورسوله ﷺ وأن يعملوا مع العاملين المخلصين لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. عندها فقط يكون التحرير الحقيقي، وعندئذ تكون فرحة النصر الكبرى. تحرير يعيد للمسلمين عزتهم وكرامتهم، بحيث يسير المسلم في بلاده آمناً مطمئناً، لا مطارداً ولا متخفياً يخشى الغدر والخيانة ممن باعوا البلاد والعباد، فلا وجود “لتنسيق أمني” ولا لجواسيس! وإن وُجدوا فخليفة المسلمين يقف بالمرصاد لكل خائن وعميل.
فيا أيها المسلمون! انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، كونوا مع الله يكن معكم.
ويا جيوش المسلمين! ألستم مسلمين تؤمنون بالله ورسوله؟! ألا تشتاق قلوبكم للصلاة في المسجد الأقصى؟! إن أهل فلسطين يستغيثون بكم، ألا تستجيبون وتغيثونهم وتنصرونهم؟!
من للمسملين غير الله سبحانه وتعالى ثم أنتم، تؤمنون بالعقيدة الإسلامية، ولديكم القوة المادية من أسلحة وعتاد تملأ ثكناتكم، أليس فيكم رجل رشيد؟!
أيها المسلمون ويا أيتها الجيوش! استجيبوا لله إذا دعاكم، حيث يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم عاصم الطويل – الأرض المباركة (فلسطين)