انتشر مؤخراً مقطع فيديو لعائلة سورية تروي فيه كيف انتزعت دائرة الخدمات الاجتماعية أطفالهم بالقوة. وقد انتشر هذا المقطع انتشاراً واسعاً في العالم الإسلامي وفي وسائل التواصل الإلكترونية حتى إن قناة الجزيرة بثت تقريراً عن انتزاع الأطفال في السويد. واستنكاراً لما يحدث احتشد المئات أمام البرلمان في العاصمة في تظاهرة احتجاجية ضد أخذ الأطفال من ذويهم. لطالما انتزعت دائرة الخدمات الاجتماعية الأطفال من أُسَرِهم، إلا أنه وفي السنوات القليلة الماضية ازداد عدد الأطفال الذين انتزعتهم دائرة الخدمات الاجتماعية من عائلاتهم، ويشكل أطفال المهاجرين النسبة الساحقة منهم وخاصة مع تدفقات اللاجئين الكبيرة عام 2015. إن معاملة السويد لأطفال المهاجرين، متمثلة بدائرة الخدمات الاجتماعية، أصبح خبراً عالمياً بالرغم من أنه ليس بالأمر الجديد.
إن الهدف المزعوم من هذه الإجراءات هو حماية الأطفال، غير أن الأمر في حقيقته على العكس من ذلك تماما، حيث أدت هذه السياسة إلى الإساءة للأطفال جسدياً ونفسياً وأثرت بشكل سلبي على تحصيلهم الدراسي، وهذا ليس مستغرباً طالما كانت المعاملة غير إنسانية حين انتزع الأطفال من أحضان آبائهم وأمهاتهم وعائلاتهم، حيث البيئة الأكثر أمانا. كان الأحرى بدائرة الخدمات الاجتماعية أن تركز عملها على إعطاء الوالدين الإرشادات اللازمة والمعلومات الوافرة لحل المشاكل الأسرية وأن لا تجعل من نفسها عدواً للأهل لمجرد حدوث أدنى إشكالية في الأسرة.
لقد كشفت التقارير المتوالية عن فظائع ومعاملات سيئة مثل حالات قتل واغتصاب وعنف اقترفت بحق الأطفال. وذلك نتيجة طبيعية لقرارات دائرة الخدمات الاجتماعية المتسرعة، ورغم هذه النتائج الكارثية تستمر هذه المؤسسة في سياستها دون تحمل أي عواقب. بل والأدهى من ذلك أن وزيرة الشؤون الاجتماعية لينا هالغرين تقلل من قيمة النقد الموجه لعمل هذه المؤسسة وتسميه تزويراً للحقائق. إن قانون LVU (قانون رعاية اليافعين) قد يكون نظرياً يهدف إلى حماية ورعاية الأطفال، لكنه في واقع الأمر أداة الدولة لتلقين الأطفال القيم الغربية. لو كان السياسيون والسلطات السويدية صادقين لبادروا إلى التحقيق في دعاوى الحوادث الفظيعة التي يتعرض لها الأطفال بدلاً من أن يغضوا الطرف ويلتزموا الصمت وكأن شيئا لم يكن، ما يدل على رضاهم وموافقتهم على هذه الإجراءات التعسفية والنتائج الكارثية.
إن الذي هيأ الأرضية والمناخ لتقبل هذه الفظاعات إنما هي الحملات الإعلامية المغرضة وتصريحات السياسيين ضد الإسلام والمسلمين. إن الذي يجري لأطفال المسلمين في السويد يتماشى مع ما يتعرض له المسلمون بشكل عام في الغرب من حملات تشويه وكراهية للتضييق عليهم ومحاولة سلخهم عن هويتهم الإسلامية.
أيها المسلمون:
ليس سراً أن الأطفال كانوا وما زالوا الهدف الأول للسياسات المتشددة والمركزة ضد المسلمين في السويد، ويتجلى ذلك في السياسة الشديدة المعادية للإسلام في السويد، فمثلاً نسمع في كل عام عن محاولة بعض البلديات والمدارس والمدراء منع الطلاب المسلمين من الصيام في رمضان، وكذلك محاولة بعض البلديات والأحزاب منع الفتيات المسلمات من ارتداء الخمار، وتأتي، في السياق نفسه، الهجمة الشرسة لإغلاق المدارس الإسلامية. وقد حاولت الحكومة، وما زالت، حظر المدارس الإسلامية لمنع أبناء المسلمين من أن يُنشؤوا حسب قيمهم وقد أُغلقت العديد من المدارس الإسلامية بحجة إنقاذ الطلاب من التطرف، كما صرح بذلك وزيرا العدل والداخلية السابقان ميكائيل دانبيرغ ومورغان يوهانسون. وفي السياق نفسه يمكن أن تُفهم سياسة خطف الأطفال بوصفها جزءاً من سياسة التذويب التي ترمي إلى مسح هوية المسلمين.
في السابق حاولت الحكومات الغربية ومنها السويد مكافحة الإسلام السياسي بوصفه بالإرهاب والتطرف. وأما الآن فقد تطور الأمر إلى تجريم التربية الإسلامية بمصطلحات مثل جرائم الشرف، حتى أضحت العفة والحياء وعدم التعري جرائم مستنكرة! وبذلك يصبح حثُ الأسرة المسلمة أطفالها على ارتداء اللباس المحتشم والعفة والأخلاق الكريمة (جرائم شرف!)، تستوجب تدخل دائرة الخدمات الاجتماعية لانتزاع الأطفال من أسرهم. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: ٦].
أيها الأئمة وممثلو المنظمات:
يجب عليكم تحمل مسؤولياتكم أمام الله وأمام أمتكم بأن تكونوا القدوة والمثال للمسلمين في التمسك والاعتزاز بالإسلام والثبات عليه، وإنها مسؤوليتكم أن تكشفوا السياسات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين… انبذوا خلافاتكم جانباً ووحدوا المسلمين من أجل نيل حقوقكم ونصرة إخوانكم المظلومين، ومواجهة سياسة العلمنة والدفع بالسياسيين إلى إلغاء هذه القوانين اللاإنسانية. طالِبوا السياسيين بإيقاف خطف الأطفال من أسرهم، وفي حال وجود أخطاء يجب معالجتها…
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: ٧]