السودان يحوي مقومات إقامة الخلافة الراشدة فتحينوها في أرضه
تمر على الأمة هذه الأيام الذكرى الـ101 لهدم الخلافة، وهي تتململ بحثاً عن مخرج من الأزمات التي تمر بها، وقد يئس الكثيرون من عملية التغيير الحقيقي الذي ينهض بالبلاد، ووصل بعضهم إلى الحكم بانهيار كامل للسودان، لما يلمسونه من انهيار فظيع لقيمة العملة مقابل ارتفاع حرارة الأسواق، وتخبُّط واضح في السِّياسات، قرارات ثم إلغاءات! وتحرير سعر الخبز ورفع أسعار الكهرباء والغاز، ويرون أن الدولة السُّودانية تلفظ أنفاسها الاقتصادية الأخيرة! وهم يتذكرون حديث رسول الله ﷺ القائل: «أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ أَوَّلُهَا آخِرَهَا، الآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الأُولَى». فهل بعد هذا كله يصلح أن يكون السودان مرتكزاً لدولة مبدئية قوية كدولة الخلافة الراشدة؟
فإذا علمنا أن نشوء الدولة يحتاج إلى مقومات فكرية، ومقومات مادية، فما هي المقومات المادية التي يمتلكها السودان ليعتلي هذا المركز الذي هو بالطبع مركز الدولة الأولى في العالم؟
في البدء علينا أن نصطحب حال دول العالم على عجالة، من حيث التدهور والانهيار المقبل عليها، فقد أصدر الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري كتاباً يحمل عنوان: “تدهور”، أعلن فيه عن اقتراب انقراض الحضارة الغربيّة. ويذكر فيه أن “الحضارة الغربية تترنح، وهي بانتظار سقوطها المدوي”. ويرى أنه “ليس بالإمكان فعل أيّ شي لهذه الحضارة التي تموت”. وقال: “لقد هيمنت الحضارة الغربية على الشعوب، والحضارة التي ستقوم مقامها ستعوضها. إنها مسألة وقت فقط. الباخرة تغرق. ولم يتبقَّ لنا سوى أن نغرق بأناقة ورشاقة”. ويخلص المؤلف إلى قوله: “بأن موت الغرب ليس تنبؤاً بما سيحدث، إنه تصوير لما يحدث الآن، إن أمم العالم تموت، وهي تواجه أزمة مميتة”.
فكان على المسلمين بقرب سقوط هذه الحضارة، أن يتقدموا لقيادة العالم من جديد، بما حباهم الله من نعمة الإسلام العظيم، وخيرات أنعم الله بها عليهم في بلادهم؛ فمثلاً السودان يملك العديد من عناصر القوة، المتمثلة في المقومات المادية الهائلة في كافة القطاعات؛ الزراعية، والحيوانية، والمعدنية وغيرها، وعلى رأسها الإمكانات البشرية، فحسب كتاب “حقائق العالم” لوكالة الاستخبارات الأمريكية، يعتبر السودان بلداً فتياً، حيث 42.01% من السكان دون سن الخامسة عشرة وفقاً لتقديرات الوكالة عام 2020م، و20.94% في الفئة العمرية 15-24 عاماً، وحوالي 30% من جملة السكان تقع في الفئة العمرية 25-54 عاماً، بينما تقع نسبة 4.13% فقط في الفئة العمرية 55-64 عاماً، و3.03% عند 65 عاماً وما فوق. بينما نسبة الشباب في أوروبا تعادل 10.6 بالمئة فقط من إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي. (ترك برس 2020/05/18).
ويبلغ عدد سكان السودان قرابة 45.5 مليون نسمة، بينهم 24.1 مليون نسمة قوة بشرية قادرة على القتال من بينهم كل المفصولين من المؤسسة العسكرية منذ تنفيذ الترتيبات الأمنية والتي تم بموجبها تسريح بعض أفراد الجيش، مع العلم أن أغلب الشباب مدربون عسكرياً، فهم جيش احتياطي.
والسودان يمتلك مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية والأفريقية، بواقع 200 مليون فدان صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابيّة تقدر بحوالي 52 مليون فدان وفق تقرير للأناضول. فاستحق السودان أن يصنف باعتباره سلة غذاء العالم… فهو ينتج القطن، والسمسم، والفول السوداني والذرة بأنواعها وغيرها من المحاصيل… ويصنف الصمغ العربي من أهم الموارد الزراعية، والسودان الدولة الأولى في العالم المنتجة للصمغ بنسبة (80% من الإنتاج العالمي).
وفي الشق الحيواني، يمتلك السودان أكثر من 130 مليون رأس من الماشية، وفق تقديرات وزارة الاستثمار في 12/08/2021، وهي سائمة تتحرك في مراع طبيعية، تُقدر مساحتها بـ118 مليون فدان.
أما الموارد المائية فتشمل مياه الأمطار والأنهار والمياه السطحية والجوفية، فمعدل مياه الأمطار السنوي يزيد عن 400 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى امتلاك السودان أطول أنهار العالم وأعذبها.
أما في مجال النفط فتختلف التقديرات فما تزال البلاد غير مكتشفة بترولياً بالقدر الكافي، واحتياطاتها الكامنة غير مدروسة بدقة، لكن بحسب الائتلاف الأوروبي حول النفط في السودان الذي صدر في كانون الأول/ديسمبر 2010 يقول إن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الرسمية قدرت احتياطي النفط السوداني بـ٥ مليار برميل.
وتغطي المعادن الأخرى حوالي 46% من مساحة السودان، وينتشر وجودها في كافة أرجاء السودان، وتشمل هذه المعادن: الذهب والفضة واليورانيوم والنحاس والزنك والحديد والكروم والمنغنيز والجبص والرخام وغيرها، وفق خريطة المعادن في السودان الصادرة في آب/أغسطس 2017م. فأينما تضع رجلك فإن تحتها معدن؛ ففي جزيرة توتي عند ملتقى النيلين يوجد احتياطي سيليكون لصناعة الشرائح الإلكترونية يمكن أن تغطي حاجة السودان وعموم أفريقيا لإنتاج الطاقة الشمسية.
هذه الثروات الضخمة جعلت الدول الاستعمارية يسيل لعابها، وتعمل لتكسير عظم السودان، وتركيع أهله كي لا تقوم لهم قائمة، ويعملون لمنع هذا المارد من أن يخرج من قمقمه ويفتك بالمبدأ الرأسمالي الذي يترنح. غير أن الموقع الاستراتيجي للسودان، وما يملكه من مقومات، تصلح لنشوء الخلافة فيها، تستطيع الصمود أمام المهددات التي يمكن أن تحيط بها، هذا الموقع حافز قوي لأهل السودان أن ينخرطوا في العمل لإقامة هذه الدولة وهم مطمئنون إلى الآتي:
1- وجود قوة مادية كافية لحماية البلاد، أي أن اقتصاده وجيشه ووضعه الجغرافي، تجعله قادراً على حماية نفسه من أي غزو خارجي، فالسودان تتوفر فيه جميع مقومات الدولة ويصلح أن يكون نقطة ارتكاز.
2- ضمان الأمن الغذائي، وهو ما يعرف بالاكتفاء الذاتي، تحسباً لأي عقوبات دولية، أو حصار من الدول الطامعة في بلادنا، وهو أمر ميسور وفي متناول اليد إذا استقرت الدولة بمبدأ صحيح وهو الإسلام.
3- إن إقامة دولة قوية في السودان لا يشترط فيها أي ظرف دولي ولا أي ظرف محلي، بل الشرط الأساسي هو توفر القوة المادية الكافية لحماية الدول، وهو متحقق في السودان.
4- من المتوقع تجاوب عدد كبير من كيانات تتوفر فيها مقومات الدولة، وهو محتمل من كثير من بلاد المسلمين، وبخاصة جيران السودان، حيث تحيط به شعوب إسلامية من ناحية الشمال والغرب والشمال الغربي والشرق…
وبوجود هذه المقومات وغيرها، يمكن القول بإمكانية نشوء دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في السودان، والاطمئنان على قدرتها على الصمود والاستمرار إن شاء الله.
#أقيموا_الخلافة #الخلافة_101 #ReturnTheKhilafah #YenidenHilafet
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يعقوب إبراهيم (أبو إبراهيم) – ولاية السودان