الخلافة هي التي ستقضي على الديمقراطية وظلمها
اشتدت المواجهة بين المعارضة والنظام، ووصلت حدها الأقصى في اعتصام 30 من تشرين الثاني 2014م. وقد كانت حركة الاحتجاجات لا طائل منها، فمن ناحية تزعم الحكومة الوقوف إلى جانب الديمقراطية، التي تضمن – كما هو متوقع منها دائما – مصالح الحكام الشخصية من خلال استغلالهم لشعوبهم. ومن ناحية أخرى، تطلب المعارضة انتخابات جديدة من أجل ديمقراطية حقيقية، على الرغم من أن الديمقراطية نفسها تفرز المحسوبية، وتركز الثروة في أيدي النخبة الحاكمة وكبار الشخصيات في جميع أنحاء العالم. وبين الطرفين شلت الحياة السياسية في البلاد، إضافة إلى الأضرار التي تصيب البلاد من المبادرات الاستعمارية المتعلقة بالاقتصاد والتعليم وقضية أفغانستان والهند… إن الديمقراطية تضمن دائما الامتيازات المفرطة للنخبة في السلطة وتحرم عموم الناس، فالديمقراطية تربط السلطة بالسيادة، فمن يتم انتخابه للسلطة، له الحق في سنّ القوانين وفقا لأهوائه ورغباته، وهذا يضمن للمشرّعين جمع ثروة هائلة لأنفسهم وحاشيتهم من خلال التلاعب بالقوانين لصالحهم. وأينما وجدت الديمقراطية، فإن النخب الصغيرة تغير القانون لضمان الاستحواذ على الملكية العامة وتحويلها إلى ملكية خاصة بها، سواء أكانت الكهرباء أم النفط أم الغاز أم المعادن أم الصناعة (ومنها صناعة الأسلحة). أما بالنسبة لأمريكا، قائدة العالم الديمقراطي وسيدة النظام في باكستان، فإن تركيز الثروة فيها في أيدي قلة قليلة من الرأسماليين الأمريكان واضح وضوح الشمس. ففي التاسع من كانون الثاني/ يناير 2014م، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن “متوسط دخل المشرّعين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ كان أكثر من مليار دولار بقليل، أي بزيادة 4.4% لهذا العام… (وفقا للتحليل الذي أجراه مركز غير ربحي للسياسة المستجيبة، والذي يدرس تأثير المال على السياسة في واشنطن)”. كما أنه في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر 2013م، قال الرئيس الأميركي: “… والنتيجة هي اقتصاد غير متكافئ بشكل كبير، وأسر غير آمنة… ومع أن إنتاجنا قد ازداد منذ عام 1979م بنسبة تصل إلى أكثر من 90%، إلا إن دخل الأسرة النموذجية زاد بنسبة أقل من 8%. كما أن اقتصادنا قد تضاعف في الحجم منذ عام 1979م، لكن معظم هذا النمو قد تدفق إلى جيوب القلة المحظوظة… والـ10% التي كانت تستحوذ على ثلث الثروة أصبحت الآن تستحوذ على النصف”. فلا يُستغرب أن غالبية سكان الولايات المتحدة غير راضين عن النظام الرأسمالي المطبق عليهم، فقد ذكرت صحيفة الفجر في 26 من آب 2014م أن “ثلاثة من بين أربعة أمريكيين غير راضين عن النظام السياسي (وفقا لاستطلاع أجرته واشنطن بوست، وأيه بي سي نيوز). وأن أكثر من ثمانية من بين عشرة يقولون أنهم لا يثقون في أن الحكومة تفعل الصواب طوال الوقت، (وفقا لاستطلاع أجرته جامعة كوينيبياك)”. فإذا كانت كذلك حال الديمقراطية في مهدها، فكيف يكون حالها في باكستان الآن، وحتى بعد مرور سبعة عقود أخرى عليها؟ أما بالنسبة لباكستان، فتنافس المعارضة والحكومة على الحكم فيها في ظل الديمقراطية لن يفيدها في شيء، لأن الديمقراطية هي أساس المشاكل، فبالرغم من أن باكستان بلد غني، إلا أن الناس فيها فقراء، والحكام والسياسيون هم فقط الأغنياء، فعلى مدار أكثر من ستة عقود، كانت التشريعات تضمن استحواذ نخبة صغيرة من السياسيين على الممتلكات العامة وممتلكات الدولة. وقد أجرى معهد باكستان للتنمية التشريعية والشفافية (PILDAT) مؤخرا استطلاعا تم نشره في العديد من الصحف، ذكر أن متوسط إجمالي ثروة أعضاء الجمعية الوطنية الباكستانية تضاعف ثلاث مرات في ست سنوات فقط. أما بالنسبة لأعضاء البرلمانات الإقليمية في باكستان، فهم مستحوذون على الامتيازات والرواتب والعلاوات والأمن مدى الحياة، وعلى منشآت الهاتف المحمول. فعن طريق استخدام الديمقراطية تسنّ القوانين التفضيلية للمصالح التجارية الشخصية، بالإضافة إلى تهرب أصولها من الضرائب، وبهذه الطريقة كان الحكام والسياسيون قادرين على مضاعفة ثرواتهم ثلاثة أضعاف في ست سنوات فقط. وبالإضافة إلى تضخيم ثرواتهم الخاصة، فقد حافظ الخونة من خلال الديمقراطية على مصالح أسيادهم في الخارج، على حساب اغتصاب حقوق الناس. وقد حالت الديمقراطية دون تحقق الازدهار في البلاد، من خلال منح الأجانب موارد الطاقة والموارد المعدنية الهائلة في باكستان، ومن خلال تقويض الأمن، بفتح البلاد أمام الجيش الأمريكي الخاص والاستخبارات. وهذا هو سبب بعد المخلصين عن الديمقراطية وسياستها، في حين يتهافت الفاسدون والجشعون ومن لا خَلاق لهم على الديمقراطية، تهافت الذباب على القاذورات. أيها المسلمون في باكستان! إن الديمقراطية هي سبب حالكم السياسي المزري والظلم الجسيم الذي تعيشونه، وقبل كل شيء، فإن دينكم يفرض عليكم الانفضاض عنها والإطاحة بها، كيف لا والديمقراطية هي النظام الذي يعطي البشر خيار طاعة الله سبحانه وتعالى أو معصيته، مع أن الله سبحانه وتعالى يقول:﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا﴾. والديمقراطية – ومن خلال المجالس النيابية – تعطي الرجال والنساء حق السيادة، ما يمكنهم من سنّ القوانين وفقا لأهوائهم ورغباتهم، مع أن الله سبحانه وتعالى يقول:﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾. كما أن الديمقراطية تؤلّه البشر من دون الله سبحانه وتعالى، فَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:«يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ»، وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ:﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، قَالَ:«أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ»الترمذي. إنه في الخلافة فقط يتم سنّ القوانين من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يُحال دون استغلال الإنسان لأخيه الإنسان كما يحصل في ظل القوانين من صنع الإنسان. وهناك حزب واحد فقط، حزب سياسي يمكنه تحقيق التغيير الحقيقي الذي تنشدونه، ألا وهو حزب التحرير، فاعملوا معه في صراعه الفكري وكفاحه السياسي من أجل الإطاحة بالديمقراطية وإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. أيها الضباط المخلصون في القوات المسلحة الباكستانية! كيف تقبلون أن يستغل الخونة في القيادة الباكستانية قوتكم الهائلة في دعم نظام الكفر الفاسد (الديمقراطية)؟! يجب عليكم رفض حماية الديمقراطية، فهي دعوة للكفر البواح، وعوضا عن ذلك، ضعوا أيديكم في أيدي حزب التحرير الآن، وتذكروا إخوة لكم في السلاح والإسلام، من الذين سبقوكم في التمكين للإسلام كدولة في المدينة المنورة، من خلال إعطاء النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من أمثال سعد بن معاذ رضي الله عنه، الذي عندما توفي بكته أمه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليرقأ – لينقطع – دمعك، ويذهب حزنك، فإن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش»الطبراني. |
|||||||||
|