المادة -52-
المادة 52 – تقسم البلاد التي تحكمها الدولة إلى وحدات، وتسمى كل وحدة وِلاية، وتقسم كل ولاية إلى وحـدات تسمى كل وحدة منها عِمالة، ويسمى كل من يتولى الوِلاية والياً أو أميراً، ويسمى كل من يتولى العِمالة عاملاً أو حاكماً.
الولاة حكام إذ الولاية هي الحكم قال في القاموس المحيط: “وولي الشيء وعليه ولاية وولاية أو هي المصدر وبالكسر الخطة والإمارة والسلطان” وهي تحتاج إلى تقليد من الخليفة أو ممن ينيبه في هذا التقليد، فلا يعين الوالي إلا من قبل الخليفة. والأصل في الولاية أو الإمارة أي في الولاة أو الأمراء هو عمل الرسول صلى الله عليه وسلم. فإنه صلى الله عليه وسلم ثبت أنه ولى على البلدان ولاة، وجـعـل لهم حـق حكم المقاطعات، فقد ولى معاذ بن جبل على الجند، وزياد بن لبيد على حضرموت، وولى أبا موسى الأشعري على زبيد وعدن. والوالي نائب عن الخليفة، وهو يقوم بما ينيبه الخليفة من الأعمال حسب الإنابة. وليس للولاية حد معين في الشرع، فكل من ينيبه الخليفة عنه في عمل من أعمال الحكم يعتبر والياً في ذلك العمل، حسب الألفاظ التي يعينها الخليفة في توليته. ولكن ولاية البلدان أو الإمارة محددة المكان، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحدد المكان الذي يولي فيه الوالي، أي يقلد الإمارة للأمير. إلا أن هذه الولاية على ضربين عامة وخاصة، فالعامة تشمل جميع أمور الحكم في الولاية، والتقليد فيها أن يفوض إليه الخليفة إمارة بلد أو إقليم ولاية على جميع أهله، ونظراً في المعهود من سائر أعماله، فيصير عام النظر. وأما الإمارة الخاصة فهو أن يكون الأمير مقصور الإمارة على تدبير الجيش، وسياسة الرعية، وحماية البيضة، والذب عن الحريم في ذلك الإقليم، أو ذلك البلد. وليس له أن يتعرض للقضاء، ولجباية الخراج والصدقات. وقد ولى صلى الله عليه وسلم ولاية عامة، فولى عمرو بن حزم اليمن ولاية عامة. وولى صلى الله عليه وسلم ولاية خاصة، فولى علي بن أبي طالب القضاء في اليمن. وسار من بعده الخلفاء على ذلك، فكانوا يولون ولاية عامة، فقد ولى عمر بن الخطاب معاوية بن أبي سفيان ولاية عـامة، وكانوا يولون ولاية خاصة، فقد ولى علي بن أبي طالب عبد الله بن عباس على البصرة في غير المال، وولى زياداً على المال. وكانت الولاية في العصور الأولى قسمين: ولاية الصلاة، وولاية الخراج. ولذلك تجد كتب التاريخ تستعمل في كلامها على ولاية الأمراء تعبيرين: الأول: الإمارة على الصلاة، والثاني: الإمارة على الصلاة والخراج. أي أن الأمير إما أن يكون أمير الصلاة والخراج، أو أمير الصلاة وحدها. وليس معنى كلمة الصلاة في الولاية أو الإمارة هو إمامة الناس في صلاتهم فقط، بل معناها الولاية عليهم في جميع الأمور ما عدا المال. فكلمة الصلاة كانت تعني الحكم باستثناء جباية الأموال. فإذا جمع الوالي الصلاة والخراج كانت ولايته عامة. وإن قصروا ولايته على الصلاة، أو على الخراج، كانت ولايته خاصة. وعلى كلٍّ، هذا يرجع لترتيبات الخليفة في الولاية الخاصة فله أن يخصصها بالخراج، وله أن يخصصها بالقضاء وله أن يخصصها بغير المال والقضاء والجيش، يفعل ما يراه خيراً لإدارة الدولة أو إدارة الولاية. لأن الشرع لم يحدد للوالي أعمالاً معينة، ولم يوجب أن تكون له جميع أعمال الحكم، وإنما حدد عمل الوالي أو الأمير بأنه حكم وسلطان، وحدد أنه نائب عن الخليفة، وحدد أنه إنما يكون أميراً على مكان معين، وذلك بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه جعل للخليفة أن يوليه ولاية عامة، وأن يوليه ولاية خاصة، فيما يرى من أعمال وذلك ظاهر في عمل الرسول عليه الصلاة السلام. وبناء على تحديد الرسول صلى الله عليه وسلم إمارة الأمير، أو ولاية الوالي في بلد أو إقليم، وضعت المادة الثانية والخمسون من تقسيم الدولة إلى ولايات وتقسيم الولاية إلى عمالات.