سياسة تأمين العناية الصحية للرعايا في دولة الخلافة
سياسة تأمين العناية الصحية للرعايا في دولة الخلافة أصدر حزب التحرير/ ولاية باكستان موقفاً سياسياً وإعلامياً بشأن ضمان دولة الخلافة -القائمة قريباً بإذن الله-العناية الصحية لجميع رعاياها، بغض النظر عن الدين والمذهب والجنس والعرق… إلخ، بصفتها حقاً أساسياً لا كمالياً لهم. البداية: الديمقراطية تعتبر الرعاية الصحية ترفاً. إنّ الرعاية الصحية المتوفرة على نطاق واسع من باكستان في مستوى متدنٍ جداً، ولا يمكن الاعتماد عليها في الوقاية من الأمراض التي تهدد الحياة، فالثقافة الصحية لا تكاد توجد بين الناس ومنهم المرضى، وبروتوكولات العلاج التي تستند إلى معايير طبية صحيحة معدومة، والنظام الصحي المتكامل للمرافق الصحية الابتدائية والثانوية غير متوافر، والتدريب الصحي والبحوث الطبية للأمراض المحلية والمتطلبات الصحية نادر! إنّ القطاع الصحي الخاص الحالي يغطي حوالي 80٪ من مجموع حاجات المرضى، ولكن هيمنة هذا القطاع حولت الرعاية الصحية من خدمة ضرورية إلى أعمال تجارية، وأصبحت الرعاية الصحية ترفاً وليست حقاً، كما أصبحت تكاليف رسوم الأطباء والرسوم الخاصة والأدوية والفحوصات الطبية مرتفعة لدرجة أنّ معظم الناس في باكستان لا يمكنهم تحملها. إنّ هذه الحالة الصحية الفظيعة هي انعكاس لنماذج الحكم الحالي في باكستان، وخاصة نموذج الديمقراطية، حيث إنّ الديمقراطية تبيح الخصخصة، ففي الولايات المتحدة مثلاً سببت خصخصة قطاع الصحة إلى تحويل المرضى إلى زبائن، وأصبحت العقاقير والرعاية الطبية فوق طاقة معظم سكان دول العالم، ومنهم الكثيرون في العالم الغربي، فتحول التطبيب إلى ترفيه، وكل ذلك يخدم نخبة صغيرة من الرأسماليين فقط على حساب الملايين من الناس البؤساء! وليس هذا فحسب، بل زادت شركات التأمين الصحي الطين بلة، حيث سمحت للمستشفيات الخاصة برفع أسعارها للمرضى غير المغطين بتأمين تلك الشركات، حتى أضحت الديون الطبية أكبر عامل لإفلاس 62% من سكان الولايات المتحدة، فخمسون مليون أمريكي ليس لديهم تأمين صحي، فهم لا يستطيعون تحمل رسومها، وما يقرب من 18,000 شخص من الخمسين مليوناً يموتون سنويا لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج. وبذلك انتقمت الرأسمالية من عامة الناس شر انتقام، بإباحتها خصخصة القطاع الصحي وبإصدار قوانين التأمين وحقوق احتكار إنتاج الأدوية، وبجعل العلاج حكراً على أصحاب الأموال. إنّ هذه الحالة الصحية التي يرثى لها في العالم بعيدة كل البعد عما كانت عليه زمن الخلافة، فمنذ زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى سقوط دولة رسول الله والدولة تولي قطاع الصحة اهتماماً كبيراً، فقيام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالأمر ببناء خيمة لعلاج الجنود المصابين وتقديم الرعاية الطبية لهم في غزوة الخندق. والمستشفيات التي بُنيت لخدمة الناس وراحتهم بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس… إلخ. ومستشفى المنصوري الذي أُنشئ في القاهرة عام 1283م، والذي كان يتسع لأكثر من 8,000 مريض، لكل واحد فيه ممرضان اثنان، وسرير وفراش ووعاء أكل خاص به، حتى يتوفر له كامل الراحة والعلاج بالمجان. والمستوصفات والعيادات المتنقلة التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعيشون في المناطق النائية. كلها أمثلة قليلة على اهتمام الدولة في شئون الرعايا وحاجاتهم الطبية وقتذاك. لقد كانت المعرفة والعلوم الطبية في ظل الخلافة متوفرة للجميع، من دون قيود أو تسجيل لبراءات الاختراع، مما أتاح الفرصة للأطباء للإبداع والابتكار والتنمية الصحية. ولقد كانت الكليات الطبية تمثل قطاعاً قوياً في الجامعات، فضلا عن احتوائها مرافق للبحوث السريرية في المستشفى والإعدادات للمرضى. ولقد سبق الأطباء المسلمين العالم في البحوث الطبية بعشرات السنين إن لم تكن بمئات السنين في مجالات متنوعة مثل جراحة العيون والرعاية القلبية، ولقد توافرت دائماً مراكز الرعاية الصحية الرائدة في العالم وطواقم الخدمات الطبية وصناعة الأدوية، وكان حكام الدول الأجنبية يذهبون إلى دولة الخلافة لتلقي العلاج فيها، حيث كانت السباقة في وضع مفهوم السياحة العلاجية. الاعتبارات السياسية: الرعاية الصحية في ظل الديمقراطية حكر على الأثرياء ووسيلة لتنمية ثرواتهم. أ- الديمقراطية تخصخص قطاع الصحة، مما يجعل منه ترفاً لا حقاً للناس على الدولة. لقد سمحت الديمقراطية لنخبة صغيرة باستغلال القطاع الصحي من خلال خصخصة المرافق الطبية وإنشاء شركات التأمين الصحي، مما حرم معظم الناس الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية الطبية الخاصة من الرعاية الصحية الجيدة. فالعلمانية التي تفصل الدين عن شئون الحياة سمحت لأهل النفوذ بسن القوانين التي تمكنهم من تضخيم ثروتهم وزيادة نفوذهم. كما أنّ حرية التملك في الرأسمالية تسمح للنخبة بغبن حقوق عامة الناس، حتى تتمكن من استنزاف قدراتهم، فالناس لا يجدون مكاناً آخر يذهبون إليه سوى تلك الشركات. وإلى جانب خصخصة مرافق قطاع الطاقة مثل البنزين والكهرباء، فقد أضافت الديمقراطية بؤساً إلى بؤس الناس من خلال الخصخصة الكاملة لمرافق الرعاية الطبية والأبحاث المتعلقة بالدواء. وهكذا فإنّه في ظل الديمقراطية، يتم سحق الناس وإرهاقهم مالياً من خلال المرافق الطبية الخاصة وشركات التأمين وشركات الأدوية الطفيلية. فالخصخصة أدّت إلى تركيز كبير للثروة، فمثلاً فإنّه خلال الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية زادت ثروة الـ1٪ من الناس، في حين أصبح مئات الملايين من الناس عاطلين عن العمل وبلا مأوى. والداعمون لفكرة الخصخصة لم ينظروا قط إلى حق الناس ومصالحهم، مما أدّى إلى ظهور حركات مثل حركة “احتلوا وول ستريت” التي رفعت شعار “نحن الـ99٪”. ولهذا فإنّ الركيزة الأساسية للديمقراطية “حرية التملك” هي في الواقع “الحرمان من الملكية” و “الخصخصة” هي “اغتصاب حقوق الناس”. ب- الديمقراطية تخدم نخبة صغيرة في المجتمع من خلال قوانين الملكية الفكرية. في الوقت الذي كانت فيه أوروبا غارقة في عصورها المظلمة، كانت البشرية تنعم في ظل الدولة الرائدة في العالم (دولة الخلافة) في رفاهية لعدة قرون، ولكن بعد الثورة الصناعية، نشأت فكرة حقوق الملكية الفكرية، التي تعني خصخصة المجال المعرفي، والتي تزيد من أرباح النخبة الصغيرة وتسمح لها باستغلال الناس من خلال شركات صناعة الأدوية. ومع ذلك فإنّ الذين كانوا متخوفين على اختراعاتهم ونتاجهم الفكري قد انسحبوا من مؤتمر فينا عام 1873م، والذي سلط الضوء على هذه المشاكل، إلا أنّ الديمقراطية حرصت على حماية مشاريعهم وعملت على الحرص على حماية النتاج الفكري لهم، حيث كفلت للشركات الحق في الانتفاع من اختراعاتها ومنع الآخرين من استخدام هذه الاختراعات. وبهذا فإنّه لا يمكن للمرء أن يستخدم تلك الاختراعات ويقوم بإجراء التحسينات عليها، بل يضطر إلى إعادة البحث وإعادة الاختراع من الصفر! كما أنّ براءات الاختراع على المنتجات الصيدلانية توفر لشركات الأدوية إمكانية احتكار إنتاج الأدوية، مما يسمح لها بتحديد الأسعار بمعدلات عالية من أجل جني المزيد من الأرباح، والقضاء على المنافسة بين الشركات المحلية لإنتاج الأدوية بأسعار باهظة لا يجعلها في متناول المرضى في البلدان النامية، كما أنّ الأدوية الضرورية للحياة الآن تكلف آلاف الدولارات، وهي أبعد حتى عن أحلام الملايين في معظم بلدان العالم، من الذين لا يكسبون ألف دولار في العام كله. كما أنّ عقاقير الأمراض الناجمة عن الثراء مثل السمنة والسكري من النمط الثاني، لها أولوية الإنتاج على أدوية أمراض الفقر التي تهدد الحياة مثل التهابات الصدر الحادة ومرض الإسهال. ويتم استخدام (منظمة التجارة العالمية لحقوق الملكية الفكرية) لفرض براءات الاختراع، حيث يتعين على الدول المنتمية إليها تنفيذ المعايير العالية لحماية الملكية الفكرية، التي تجعل الحد الأدنى من الحماية 20 عاماً! الجانب الشرعي: الرعاية الطبية والصحية فرض على الدولة توفيرها لجميع رعاياها بغض النظر عن العرق أو المذهب أو الجنس أو غيره. أ- الرعاية الطبية حق للرعايا على دولة الخلافة. ورد في مقدمة الدستور لحزب التحرير في المادة رقم (125):“أما الصحة والتطبيب فإنهما من الواجبات على الدولة بأن توفرهما للرعية، حيث إن العيادات والمستشفيات، مرافق يرتفق بها المسلمون في الاستشفاء والتداوي. فصار الطب من حيث هو من المصالح والمرافق. والمصالح والمرافق يجب على الدولة أن تقوم بها لأنها مما يجب عليها رعايته عملاً بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- : «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر. وهذا نص عام على مسؤولية الدولة عن الصحة والتطبيب لدخولهما في الرعاية الواجبة على الدولة، وهناك أدلة خاصة على الصحة والتطبيب: أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ». وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: «مَرِضْتُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِنَ الْخَطَّابِ مَرَضاً شَدِيداً فَدَعَا لِي عُمَرُ طَبِيباً فَحَمَانِي حَتَّى كُنْتُ أَمُصُّ النَّوَاةَ مِنْ شِدَّةِ الْحِمْيَةِ».” ولتوفير الرعاية الصحية، فإنّ الخلافة ستعيد هيكلة جني الإيرادات وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية، حيث ستجني عائداتها من الممتلكات العامة مثل الطاقة ومن تصنيع الآلات ومن المنشآت الحكومية مثل المنشآت الكبيرة، ومن الخراج، وستوقف جني الضرائب، مثل ضريبة المبيعات والدخل التي تخنق النشاط الاقتصادي، كما سترفض دولة الخلافة أخذ قروض ربوية من المستعمرين ومن غيرهم، والتي تستهلك باكستان الآن لتسديدها أكثر من ثلث نفقاتها، مع العلم أنّ القروض قد تم دفعها عدة مرات. لذلك، فإنّ الخلافة ستسيطر على القطاع الصحي وستوفر الخدمات الصحية بالمجان، كما ستسمح بوجود مرافق صحية خاصة لتوفير الرعاية الصحية من أجل الربح. وبالتالي فإنّ الخلافة ستوجد التوازن الصحي الذي يوفر الرعاية التامة لكل الرعايا. وقد ورد في مقدمة الدستور لحزب التحرير في المادة رقم (164):“توفر الدولة جميع الخدمات الصحية مجاناً للجميع، ولكنها لا تمنع استئجار الأطباء ولا بيع الأدوية”وجاء في شرح المادة:“وأما جواز أن يستأجر الطبيب وتدفع له أجرة فلأن المداواة مباحة، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق:«يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا». ولأنها أي المداواة منفعة يمكن للمستأجر استيفاؤها فينطبق عليها تعريف الإجارة، ولم يرد نهي عنها”. ب- المعرفة حق للناس الاستفادة منها، بما فيها البحوث الطبية. لقد حدد الإسلام ما يمكن أن يكون ملكية خاصة وما لا يمكن أن يكون، فوجود الأشياء أو تحقق الفائدة فيها لا يعني أنّه يمكن أن تكون ملكية فردية، وعلى سبيل المثال فإنّه لا يجوز للفرد تملك موارد الطاقة، مثل محطات توليد الكهرباء أو حقول النفط. وفيما يتعلق بالمعرفة، فإنه لا يجوز خصخصة الأفكار أو التطورات العلمية في مجال البحوث، فقد ورد في مقدمة الدستور لحزب التحرير في المادة رقم (180):“يمنع استغلال التأليف للتعليم في جميع مراحله، ولا يملك أحد مؤلفاً كان أو غير مؤلف حقوق الطبع والنشر إذا طبع الكتاب ونشره. أما إذا كان أفكاراً لديه لم تطبع ولم تنشر فيجوز له أن يأخذ أجرة إعطائها للناس كما يأخذ أجرة التعليم.” وفيما يتعلق بالعلامات التجارية (علامات معينة لشخص أو لمؤسسة معينة) مثل أسماء الشركات، أو أسماء منتجات تنتجها شركات معينة، فإنّ هذه الأسماء لا يجوز تقليدها، لأنّ ذلك من شأنه أن يؤدي إلى حدوث غش أو خداع، وهو ما ستمنعه دولة الخلافة. ملاحظة:يرجى الرجوع إلى المواد التالية من مقدمة الدستور لحزب التحرير للاطلاع على الأدلة كاملة من القرآن الكريم والسنة النبوية: (125، 164، 180). وللاطلاع على المواد ذات الصلة من مقدمة الدستور لدولة الخلافة يرجى زيارة هذا الرابط على شبكة الإنترنت: http://htmediapak.page.tl/policy-matters.htm السياسة: الخلافة هي التي ستضع المعايير العالمية للرعاية الصحية والأبحاث الطبية. أ- دولة الخلافة ستوجد نظام رعاية صحية يؤمن الاحتياجات الطبية لجميع الرعايا، بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس… إلخ. ب- إلغاء قوانين الحقوق الفكرية وبراءة الاختراع، ومن شأن ذلك إحداث ثورة فكرية في البحوث الطبية، فضلاً عن توفير العقاقير الطبية بأسعار في متناول الجميع. |
|||||||||
|
|||||||||