المادة -162-
المادة 162 – لجميع أفراد الرعية الحق في إنشاء المختبرات العـلـمـية المتعلقة بكافة شؤون الحياة، وعلى الدولة أن تقوم هي بإنشاء هذه المختبرات.
إن المختبرات العلمية لم تخرج عن كونها علماً يتعلمه الإنسان، والله سبحانه وتعالى قد أباح العلم إباحة مطلقة، قال تعالى: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)) [العلق 1] وقال: ((عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)) [العلق] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». متفق عليه من طريق معاوية، وروى البخاري تعليقاً بصيغة الجزم «وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ» وقال الحافظ في الفتح (وإنما العلم بالتعلم) هو حديث مرفوع أيضاً.
فهـذه الأدلة تدل على إباحة العلم من حيث هو علم. فقولــــه: ((اقْرَأْ))عام يشمل أن يقرأ كل شيء، وقولــــه: ((عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)) يشمل كل علم، وقول الرسول: «إنما العلم» اسم جنس محلى بالألف واللام فهو من ألفاظ العموم. وهذا كله يدل على إباحة التعلم لأي شيء، وإباحة أي علم. فعموم الأدلة يدل على إباحة العلم مطلقاً. وعلى هذا فإن لكل فرد من أفراد الرعية أن يطلب العلم أي علم، وأن يتخذ الوسائل اللازمة للوصول إلى المعارف والحقائق العلمية، فلكل فرد أن يقوم بإنشاء المختبر الذي يراه. وأن يساعد من يشاء في إنشاء المختبرات.
وهذه المختبرات ملكية فردية، وليست هي ملكية عامة ولا ملكية الدولة. إلا أن هذه الملكية الفردية يجوز للدولة أن تملكها بوصفها شخصية معنوية كما تملكها أية شخصية حقيقية، أي كما يملكها أي فرد. وملكيتها لها لا تجعلها ملكية دولة بل تظل ملكية فردية. إلا أن ما تملكه الدولة يصبح ملكية لها من أملاكها مع كونه ملكية فردية. والدولة حين تقوم بإنشاء المختبرات إنما تقوم بذلك من باب رعاية الشؤون، ومن باب القيام بالفرض الذي أوجبه الله عليها وهو إيجاد العلم ومنه المختبرات العلمية.