سايكس بيكو وتبعات سقوط الخلافة الإسلامية
سايكس بيكو وتبعات سقوط الخلافة الإسلامية
لا شك أن الحديث عن هدم دولة الخلافة الإسلامية (العثمانية) يثير الكثير من الشجون والمشاعر، كما أنه محفز لصراع الأفكار. كما أن التحدث عن هدم دولة المسلمين ونظامهم يثير الحنق والشعور بالظلم كما ويثير الجدية بالتفكير بالواقع لتغييره. لا شك أن هدم الخلافة الإسلامية جريمة نكراء وخيانة وتآمر على الأمة بكافة مكوناتها ومقوماتها, وتحقيق لمصالح الغرب الكافر بالقضاء على الإسلام أو محاولة حرفه واستخذاء للمسلمين واستعبادهم بعد أن حيدهم وأخرجهم من دائرة الصراع. وكذلك تثار حسرة في القلب عندما تجد محاولات جادة من قبل عملاء فكريين في تحريف التاريخ ليتماهى مع وجهة النظر الغربية لما رافق هدم الخلافة وتقسيم لنفوذها نتج عنه ما نراه اليوم من كيانات هزيلة لا تملك السيطرة على قلم الرسام.
وأما ما يثير في النفس التقزز، فعندما ترى أو تسمع من يبرر التعاوون مع الغرب الكافر الذي خاض حروبًا على مدى قرون مع المسلمين ودولتهم، فقتل منهم الملايين, وأوقع عليهم جميع أصناف الظلم والعسف من خلال الحملات الصليبية، وبعد ذلك يبرر لهم التعاوون مع الإنجليز والفرنسيين وبالتواطؤ مع الروس لهدم كيان المسلمين ونظامهم، والحجة هي إعادة سلطان المسلمين للعرب.
يا الله!! هل يرتجى من الذئب حراسة الحمل؟
أم يرتجى ممن رضع الخيانة أن تعز عليه دماء وأعراض أمته؟
وأما ما يثير في النفس الإشمئزاز أن ترى وتسمع من يدافع عن هذا الواقع الأليم الذي تحيا به الأمة بعد أن نجح الكافر المستعمر وعملاؤه من خونة الترك والعرب من تمزيق لأوصال الدولة التي كانت لا تغيب عنها الشمس، وكانت منافسة في حين على مركز الدولة الأولى في السياسية الدولية وصاحبة المركز الأول في أحيان كثيرة. فواقع الأمة اليوم لا يخفى إلا على أعمى البصر والبصيرة، كما لا يراه العميل الذي تبنى وجهة نظر الغرب الكافر من وجوب سحق المسلمين والتنكيل بهم وتفريق جمعهم ونهب ثرواتهم… الخ, وكذلك الحيلولة دون عودتهم كأمة في خلافة تجمع شملهم, وتوحد صفهم وتنهي فرقتهم وتنمي مقدراتهم … الخ, ولذلك كان حال الأمة اليوم هو النتيجة الحتمية التي سعى لها المستعمر عندما رسم بقلمه المسموم الحدود ورسم بريشته المشؤمة الأعلام والرايات العمية التي قدستها الأنظمة العميلة لتحل مكان راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت النتيجة أن لكل عميل عمالة سميت دولة، فكانت دولة تابعة لنفوذ الإنجليز أو الفرنسيين أو حتى للروس، وزرع الصراع بين الأخ وأخيه من خلال صراع النفوذ بين المستعمرين.
* فكان أن زرعت دولة يهود في فلسطين لتكون خنجرًا مسمومًا بخاصرة الأمة لتزيد من تقسيمها وعينًا للغرب الكافر ويدًا له.
* وكان الصراع الدموي الذي قادته فرنسا في الجزائر بحرب أهلية أهلكت الحرث والنسل لأكثر من عشر سنوات أزهقت بها الأرواح وانتهكت بها الأعراض…الخ
* وكان الصراع المدمر الذي قادته أمريكا وبريطانيا عبر عملائهم نظام صدام حسين في العراق, والخميني في إيران، بحرب أكلت الأخضر واليابس, وخلفت ملايين القتلى والجرحى والمفقودين والمعاقين, وجعلت من البلدين الجارين عدويين لدودين، وما نراه اليوم من فتنة طائفية تنذر بشرها وشررها نتيجة حتمية لتدخل المستعمر بإدارة مستعمراته وعملائه، وكذلك عندما سيطرت أمريكا على النفوذ في العراق فأبادت أكثر من مليون مسلم بحرب غيرت من خلالها مناطق النفوذ واستبدلت عميلا بعميل.
*وكذلك فعل المستعمر الفرنسي والإنجليزي والإيطالي وكل كافر استطاع أن يملك زمام عميل من قتل وتشريد ونهب للذهب واليورانيو والنحاس في إفريقيا، وذلك بعد أن أشغلوا أهلها عبر عملائهم بالحروب الأهلية والطائفية والعرقية، مما أدخل البلاد في دوامة الفقر والمجاعات والجهل الممهنج.
* وكذلك يفعلون اليوم في مصر، فها هم قد أخرجوا عميلهم القديم بعميل جديد يعرض نفسه للبيع، وصراعهم في ليبيا واليمن قد أدخل البلاد في حرب نفوذ وأدواتهم العملاء وضحيتهم هي الأمة.
*وها هم يخوضون اليوم حربهم مباشرة وعبر عملائهم للقضاء على ثورة الأمة في الشام، فها هم اليوم يحاولون وبكل وسيلة قذرة وأسلوب رخيص لحرف الثورة التي تنادي بالحكم بما أنزل الله تعالى. فتارة يدعمون نظام المجرم بشار الأسد مباشرة, وتارة من خلال عملائهم لكي ينهي بجرائمه أي حركة وسكنة تقرب الأمة من مشروعها الخلافة الإسلامية. فحال لأمة اليوم كحال الأيتام على مأدبة اللئام.
الكاتب: الأستاذ ابراهيم حجات
المصدر: المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية الأردن