كيف تتم العمليات الربوية في البنوك وآثارها
كيف تتم العمليات الربوية في البنوك وآثارها
بقلم الأستاذ: إبراهيم بن محمد الوزير
كنت قد كتبت عن موضوع الربا وذكرت حالة واحدة من العمليات الربوية التي يمارسها البنك. وهي عملية تمويل (مصنع) أو عدة مصانع داخل البلاد (نشرتها «الوعي» في العدد السابق). واليوم نتكلم عن نوع آخر من عمليات البنوك الربوية، وتلك هي عمليات الاستيراد من الخارج وإليك شرحاً مبسطاً للعملية:
لنفترض أن شخصاً من رجال الأعمال في اليمن أراد أن يستورد ألف مضخة (بمبة) لضخ الماء من باطن الأرض مع (الموتورات) التي تحركها والتي تعمل بالديزل بغرض بيعها للمزارعين اليمنيين. ولنفترض أن هذا الرجل قد تم اتفاقه مع شركة (إيطالية) أو شركتين على أن تعطيه هذه المضخات مع (ماتوراتها) بمبلغ قدره خمسون مليون دولاراً وأنه لا يملك من هذا المبلغ سوى عشرة مليون دولاراً، فإن هذا الرجل ـ كما شاهدنا صاحب المصنع الذي أنشئ مصنعه بقرض ربوي ـ يذهب إلى البيت الربوي المسمى «البنك» ويطلب منه أن يقدم قرضاً ربوياً قدره أربعون مليون دولاراً ويعرض عليه أوراق الاتفاقية بينه وبين الشركات الإيطالية المُصَنّعة ويطلب منه أن يقوم (بفتح الاعتماد) لاستيراد هذه السلعة. وعند اقتناع البيت الربوي بنجاح العملية واستيعاب السوق لهذه السلعة، يبدي للتاجر استعداده لفتح الاعتماد وإقراضه أربعين مليون دولاراً لتمام شراء ألف مضخة واستيرادها لليمن.
وبما أن البنك لا يملك النقد الكافي لتمويل كل عمليات الاستيراد من الخارج وإنشاء المصانع وغيرها في الداخل، وقد استنفذ أموال المودعين في مشاريع داخل البلد. فإنه مضطر إلى سحب قروض من بنوك أجنبية لتمويل عمليات الاستيراد للتجار اليمنيين بمن فيهم هذا التاجر.. (والقروض من البنوك الأجنبية هي المصدر الثاني للنقد الذي يستخدمه البنك لتغطية عملياته الربوية للنقد الذي يستخدمه البنك لتغطية عملياته الربوية المتعددة في الداخل والخارج). كما أوضحنا في المقال السابق.
وفي حالة الموافقة هذه يقوم البيت الربوي في اليمن (البنك اليمني) بإرسال خطاب اعتماد إلى البيت الربوي في إيطاليا (أحد البنوك المعتمدة هناك) يطلب منه أن (يعتمد) دفع مبلغ خمسين مليون دولاراً للشركة الإيطالية المُصَنّعة حال شحن هذه الكمية من (المضخات والموتورات) إلى اليمن. كما يقوم البنك اليمني في الحال بالاستيلاء على العشرة مليون دولاراً التي يملكها التاجر اليمني كجزء من ثمن الصفقة. ويعتمد البنك الإيطالي هذا الطلب ويبلغ الشركة الإيطالية الصانعة بوصول خطاب الاعتماد. وحينئذ تقوم الشركة الصانعة بتسليم الكمية المذكورة من المضخات إلى شركة النقل التي ستقوم بنقل البضاعة بحراً إلى اليمن وتأخذ منها أوراقاً تفيد استلامها البضاعة المذكورة. وفي الحال تقوم الشركة الصانعة بعرض هذه الأوراق على البنك الإيطالي. وبمجرد استلام البنك الإيطالي لهذه الأوراق يقوم بدفع خمسين مليون دولاراً للشركة الصانعة (ويقيدها) لديه قرضاً بفوائد ربوية على البنك اليمني. ويقوم في الحال بتبليغ البنك اليمني بأنه قد تم دفع المبلغ للشركة. وعند ئذ يقوم البنك اليمني حالاً بقيد أربعين مليون دولاراً بفوائد ربوية على التاجر اليمني. بعد خصم العشرة مليون التي تم الاستيلاء عليها من أموال التاجر عند إرسال خطاب الاعتماد. ويبلغه بذلك ويبدأ العد التصاعدي للفوائد الربوية على القرض في البنكين معاً الإيطالي واليمني. البنك الإيطالي يبدأ في العد التصاعدي على حساب البنك اليمني. والبنك اليمني يبدأ في العد التصاعدي على حساب التاجر في حين تكون البضاعة (المضخات) لا تزال جاثمة في ميناء إيطاليا أو سابحة في عرض البحر على أحسن تقدير. ولنفترض أن الفوائد الربوية 15% فإنها ستشكل مبلغ 600000 ستمائة ألف دولار تضاف إلى القرض كل عام. عدا ما ستترتب على العملية من قروض أخرى يسحبها التاجر لإتمام العملية بفوائد ربوية ـ فحين تصل البضاعة إلى اليمن يضطر التاجر إلى دفع الرسوم الجمركية وأجور النقل إلى مخازنه وغير ذلك. وحيث أنه اصبح خالي الوفاض نتيجة دفعه كل ما يملك إلى البنك اليمني عند طلب فتح الاعتماد فإنه يضطر مجدداً إلى سحب قروض جديدة لتغطية هذه العمليات الضرورية من رسوم جمركية وأجور نقل وغيرها. فيمنحه البنك ما يحتاج إليه من قروض لإتمام عملية الاستيراد بفوائد ربوية أخرى. وتضاف القروض المتجددة بفوائدها الربوية إلى القرض الأول.. ويقيد الجميع على التاجر اليمني..
رفع ثمن السلعة..
وأخيراً تصل المضخات المستوردة مع (الموتورات) إلى مخازن التاجر في حين يكون القرض الربوي قد أصبح حملاً ثقيلاً وعبئاً كبيراً وقد تضاعف عما كان عليه. والفوائد الربوية تتصاعد كل يوم والمضخات في المخازن. فلا بد له من بيعها وتصريفها ولكن السوق لن تستوعب هذه الكمية بسرعة. ومن المؤكد أنه لن يستطيع أن يُصرّف في مدة قصيرة أكثر من مئتي مضخة من الألف مضخة مع (الموتورات) التابعة لها. وبعد تفكير يقرر التاجر أن هذه المأتين المضخة التي من المؤكد أن لديه القدرة على تصريفها في مدة قصيرة يجب أن تسدد أثمانُها القرض جميعه مع الفوائد وأن تعطيه شيئاً من الأرباح.. وإذن فلا بد من رفع سعرها كثيراً حتى تؤدي هذا الغرض. وهكذا فإن المضخة الواحدة إذا كانت تكلفة مع (الموتور) التابع لها ثمانمائة ألف ريال فإنه يقرر بيعها مع (الموتور) بمليون وثمانمائة ألف ريال. ليقوم بتسديد القرض للبنك مع الفوائد ويتخلص منه، ويحصل في نفس الوقع على أرباح مجزية.
البيع بالتقسيط
وبما أن المزارعين لا يستطيعون جميعاً شراء هذه المضخات بهذه الأسعار فإن البعض يشتري منها نقداً، والبعض الآخر يشتريها على أساس دفع ثمنها أقساطاً. ويضيف التاجر أيضاً إلى ثمن المضخة التي سيبيعها (تقسيطا) مبلغاً آخر فيبيعها لمن يريد الشراء تقسيطاً بسعر مليوني ريال لكل مضخة مع ماتورها.
وهكذا يصبح ثمن السلعة التي كلفت ثمانمائة ألف ريال يصبح ثمنها مليوني ريال. ويشتري المزارعون المضخات ويسلمون جزءاً من الثمن ويذهبون ليشتغلوا في حقولهم ويكدون ويكدحون ويتعبون ويعرقون، حتى إذا أتى حين الحصاد اضطروا لبيع حاصل حصاد مزارعهم ربما بأرخص الأسعار كي يتمكنوا من تسديد الأقساط التي لديهم من ثمن المضخات. ويذهبون بأثمان ما حصدوه وبنتيجة تعبهم وكدحهم وعرق جبينهم إلى التاجر ليسددوا الأقساط التي عليهم. ويتسلم التاجر المبالغ من المزارعين. وبما أنه مدين للبنك نتيجة عملية الاستيراد فإنه يجمع ما استلمه منهم ويخصم منه جزء لا بأس به أرباحاً له ويسلم الباقي إلى البنك اليمني ليسدد به القرض الذي عليه من الفوائد الربوية. ويتسلم البنك اليمني المبلغ من التاجر كجزء من القرض المترتب على عملية الاستيراد ويخصم منه لنفسه فوائده الربوية ويرسل ما تبقى للبنك الإيطالي الذي منحه المبلغ قرضاً بفوائد ربوية عند شراء المضخات. ويسجل البنك بإيطاليا المبلغ الواصل من البنك اليمني لحساب البنك اليمني كجزء من القرض في حين يكون في نفس الوقت مديناً لبنوك أخرى في سويسرا وإنجلترا ولذلك فإنه يخصم من المبالغ التي دخلت في حسابه بما فيها ما وصله من بنوك اليمن من فوائده الربوية (ويُجَيّر) الباقي لبنوك سويسرا وإنجلترا ليسدد ما عليه لها من قروض ربوية وتقدم بنوك إنجلترا أو سويسرا بنفس العلمية فتخصم من المبالغ التي دخلت في حسابها فوائدها الربوية وتجير ما تجمع لديها من نقد لحساب البنوك الكبيرة جداً ذات السيولة النقدية الهائلة في نيويورك. والتي تملكها أسر يهودية تشتغل لحساب الحركة الصهيونية أو متعاطفة معها.
وتتكرر العملية باستمرار
ويحتاج المزارع في كل الفترة التي يشتغل فيها بهذه المضخة إلى شراء قطع الغيار من التاجر الذي يكون قد اشترى كمية قطع الغيار الكبيرة بنفس الطريقة الربوية فتتكرر العملية بنفس الأسلوب وبنفس الكد والكدح والظلم. ولا يكاد يسدد المزارع آخر قسط من ثمن المضخة حتى تكون قد أشرفت على الانتهاء. وأخيراً تنتهي المضخة ويضطر المزارع الذي يحب أرضه ويعشق العمل فيها إلى شراء مضخة أخرى بنفس الأسلوب وتتكرر نفس القضية. وهكذا يظل المزارع اليمني يكد في أرضه ويتعب ويتعرض للأمراض حتى ينقضي كل عمره وهو يعمل لحساب المرابين الوطنيين والعالميين.
وعمليات الاستيراد الأخرى..
هذه هي عملية استيراد كمية من المضخات والموتورات التي يحتاج إليها المزارع اليمني لسقي أرضه ونفس الأسلوب يتم في استيراد البضائع والسلع الأخرى مثل المواد الاستهلاكية من الأغذية والملابس وغيرها. فالتاجر يستوردها بنفس الأسلوب الربوي ويرفع أثمانها من أجل تسديد القرض والفوائد والحصول على أرباح مجزية، والمواطن يكد ويكدح ليسلم نتيجة كده وكدحه كل يوم في شراء حاجاته الضرورية من المستوردين الكبار الذين يسددون بما يحصلون عليه من نقد نتيجة تصريف البضائع التي استوردوها في أسواق اليمن. يسددون بذلك النقد قروضهم للبنك وتنتقل هذه النقود بنفس الطريق عبر الشبكة الربوية اليهودية الخبيثة لتدعم اقتصاد الدول الأخرى وتصل أخيراً إلى أيدي اليهود الصهاينة القابعين وراء مكاتبهم في بنوك سويسرا وإنجلترا ونيويورك.