المدة التي يمهل فيها المسلمون لإقامة خليفة
المدة التي يمهل فيها المسلمون لإقامة خليفة
والمدة التي يمهل فيها المسلمون لإقامة خليفة هي ليلتان، فلا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين وليس في عنقه بيعة. أما تحديد أعلى الحد بليلتين فلأن نصب الخليفة فرض منذ اللحظة التي يتوفى فيها الخليفة السابق أو يعزل، ولكن يجوز تأخير النصب مع الاشتغال به مدة ليلتين، فإذا زاد على ليلتين ولم يقيموا خليفة ينظر، فإن كان المسلمون مشغولين بإقامة خليفة ولم يستطيعوا إنجاز إقامته خلال ليلتين لأمور قاهرة لا قبل لهم بدفعها، فإنه يسقط الإثم عنهم لانشغالهم بإقامة الفرض ولاستكراههم على التأخير بما قهرهم عليه. قال عليه السلام : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وإن لم يكونوا مشغولين بذلك فإنهم يأثمون جميعاً حتى يقوم الخليفة، وحينئذ يسقط الفرض عنهم. أما الإثم الذي ارتكبوه في قعودهم عن إقامة خليفة فإنه لا يسقط عنهم بل يبقى عليهم يحاسبهم الله عليه كمحاسبته على أية معصية يرتكبها المسلم في ترك القيام بالفرض.
أما كون المدة التي يمهل فيها المسلمون للقيام بفرض إقامة خليفة ليلتين فإن الدليل عليه هو أن الصحابة باشروا الاجتماع بالسقيفة للبحث في نصب خليفة لرسول الله منذ بلغهم نبأ وفاته، ولكنهم ظلوا في نقاش في السقيفة، ثم في اليوم الثاني جمعوا الناس في المسجد للبيعة فاستغرق ذلك ليلتين بثلاثة أيام. وأيضاً فإن عمر عهد لأهل الشورى عند ظهور تحقق وفاته من الطعنة، وحدد لهم ثلاثة أيام ثم أوصى أنه إذا لم يُتفق على الخليفة في ثلاثة أيام فليقتل المخالف بعد الأيام الثلاثة، ووكل خمسين رجلاً من المسلمين بتنفيذ ذلك، أي بقتل المخالف، مع أنهم من أهل الشورى ومن كبار الصحابة، وكان ذلك على مرأى ومسمع من الصحابة ولم ينقل عنهم مخالف أو منكر ذلك، فكان إجماعاً من الصحابة على أنه لا يجوز أن يخلو المسلمون من خليفة أكثر من ليلتين بثلاثة أيام، وإجماع الصحابة دليل شرعي كالكتاب والسنة.