إقامة الدولة في ظل قانون السببية: مقومات الدولة
إقامة الدولة في ظل قانون السببية
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
(الجزء السابع عشر: مقومات الدولة)
ثمة مواجهة شديدة بين الأمة الإسلامية وبين الغرب، ولا شك أن هذه المواجهة تخضع لقانون السببية، فأما السببية الكونية، فتقضي بانتصار القوي على الضعيف، وصاحب السلاح الفتاك حين يستعمله بهمجية على النائم في البيت، أو الذي لا يمتلك رد هذا السلاح!
ولكن السببية الإلهية لها حكم آخر، وسنن أخرى، فلا بد للأمة من أن تعي على قوانين السببية الإلهية وتسلك سبيلها لتنتصر على عدوها مهما بلغت قوته، ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: 160]، وقد قيل لعمر المختار المجاهد الليبي رحمه الله تعالى: ايطاليا تملك طائرات نحن لا نملكها فقال: أتحلق فوق العرش أم تحته؟ فقالوا: تحته فقال:معنا من فوق العرش فلا يخيفنا من تحته
ومع أن الغرب يتمادى في المواجهة ويسعر أوارها، وينفخ في نارها، ويسرف في القتل والتدمير والمكائد، فإن هذا يستدعي الجدية في التعامل وتدارك الأمة قبل أن نرى ألف عراق وألف شام وألف يمنٍ تتكرر، والغرب يدفع الأمة لهذه المواجهة قبل أن تستكمل الأمة امتلاك ناصية القوة لديها، لذلك فلا مناص من أن تأخذ الأمة بالأسباب الإلهية لتنجو، إذ إنه من غير المتصور أن تمتلك الأمة ناصية القوة العسكرية امتلاكا يتفوق على الغرب قبل إقامة الدولة الإسلامية!
فالأمة إذا لم تحمل المواجهة على محمل الجد وتعد لها العدة الصحيحة فإنها ستفشل بسبب أن هناك سننا كونية، وسننا إلهية تحكم التدافع بين الأمم.
ومن طبيعة السنن أنها تسير في العلاقة السببية، وتستدعي الأخذ بأسباب معينة للوصول لنتائج حتمية تترتب على الأسباب!
وحتى نصل لأرضية مشتركة، فإني أضرب مثلا بسيطا، في مريض ذهب للطبيب فأعطاه الطبيب وصفة عليه أن يأخذها بدقة، مثلا أن يأخذ حبة دواء معين مرة كل ست ساعات، مع كوب من الماء يحوي مزيجا يساعد الدواء على العمل بنسب معينة بين الماء وبين المزيج.
إن أي تلاعب في طريقة أخذ الدواء، أو في نسب المزيج ربما تفضي لآثار عكسية، وربما لتحسن مؤقت ولكن قد لا تؤتي الثمار المرجوة، فيطول الألم أو يستفحل!
وكما فرض الله تعالى الصلاة، وبين لنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم طريقة إقامتها، فإذا لم نتبع تلك الطريقة لا نقيم الصلاة، فإن أي تلاعب في سنة طريقة التغيير التي فرضها رب العالمين سبحانه وتعالى من خلال المنهج الذي سار عليه المصطفىrفي تغيير دار الكفر في مكة والمدينة إلى دار إسلام، فإن هذا التلاعب سيفضي إلى نتائج كارثية.