كتاب: سعي الأمة نحو الخلافة ولاية مصر
(طبعة معتمدة)
1435هـ – 2014م
لمشاهدة الدعاية التي نظمت لهذا الكتاب اضغط هنـا
اقرأ في هذا الكتاب:
بداية الكتاب
نحن الآن في قلب المعركة الحقيقية، بين مشروع الهيمنة الأمريكية التامة على مقدرات الأمة ومفاصل الحياة السياسية في بلاد الثورات العربية، وبين مشروع الخلافة العظيم. ومما لا شك فيه أن مسألة الخلافة الإسلامية، وعودتها مرة أخرى كنظامٍ حاكمٍ للمسلمين في العالم، هي المسألة الأكثر إثارة الآن في الوسط السياسي، وأصبحت في مرمى نيران أذناب الغرب في بلادنا، من العلمانيين والمضبوعين بالغرب الكافر. إن جوهر مسألة الخلافة يكمن في قدرتها على لملمة شتات الأمة الإسلامية في كيان سياسي واحد، ومَنْ مِن الأمة لا يتمنى أن يكون من رعايا تلك الدولة العظيمة التي لا تحتاج بعد قيامها سوى وقت قصير حتى تنتزع زمام المبادرة وتصبح الدولة الأولى في العالم؟ إن تاريخ هذه الأمة العظيمة حاضر بقوة في كل مفاصل حياتها فهي تراه في الآثار المنتشرة في كل بقعة من أراضيها، وهي تسمعه من خطباء المنابر كل جمعة، عندما يسردون لها سيرة الخلفاء والمجاهدين العظماء بداية من الخلفاء الراشدين ومرورًا بعمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد، وصلاح الدين وقطز وبيبرس ومحمد الفاتح، والسلطان عبد الحميد، وهي لا تزال تردد كلما أصابتها فاجعة أو اعْتُدِيَ على عرضها أو دُنِّست مقدساتُها أو اغتصبت أرضها المقولَةَ الشهيرة: “وامعتصماه”، فتحلم بخليفة كالمعتصم يردّ عنها كيد عدوها، لأن ذاكرتها ما زالت تذكر حديث نبيها صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ». لقد تم الضغط بكل ما هو متاح في يد أعداء الأمة على الحركات الإسلامية لتتخلى عن مفهوم الوحدة الإسلامية الذي تمثله الخلافة الإسلامية. وخضعت معظم هذه الحركات لتلك الضغوط، واستبدلت بمفهوم الوحدة الإسلامية تلك النظرة الضيقة في إطار الدولة الوطنية التي فشلت على مدار تسعة عقود من قيامها كبديل استعماري لدولة الخلافة التي تم إسقاطها سنة 1924م على أيدي أعداء الأمة بالتعاون مع بعض الخونة من العرب والترك. إن استعادة دولة الخلافة الإسلامية هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للأمة الإسلامية أن تستأنف بها حياتها الإسلامية التي توقفت مع تفتت دولة الخلافة إلى تلك الكيانات الكرتونية التي صنعها الغرب الكافر على عين بصيرة، وهو لا يزال يعمل مستميتاً – بعد أن فشل في قمع ثورات الربيع العربي في مهدها – على الحفاظ على هذه الكيانات وذلك بحرف هذه الثورات عن الأهداف الصحيحة، وحملها على تبني شعار ديمقراطيته المسمومة التي يروج لها في بلادنا. فالأمة إذا تُركت وشأنها، فإنها ستعمل لا محالة بإذن الله مع المخلصين من هذه الأمة الذين يحملون مشروع الخلافة العظيم كقضية مصيرية يتخذون تجاهها إجراء الحياة أو الموت، وهو ما يعني ضمنيًا تحدّيَ دول الغرب الكافر، والقيام بمحاولة جدية لإسقاط الهيمنة الغربية على العالم؛ لأن هذه الدولة لا ترضى أن تكون في ذيل الدول وهي تدرك أنها تحمل الخير للبشرية، وهي وحدها القادرة على الوقوف بقوة ضدَّ هيمنة الحضارة الغربية على العالم. وإن ما يثير حَنَقَ الغرب وحَنَقَ أبواقِه في بلادنا أن يصبح الحديث عن الخلافة هو حديث الوسط السياسي في مصر في هذه الفترة الحرجة، بعد أن ظنت تلك القوى المتآمرة أنها استطاعت أن تشوّه الخلافة في عيون أبناء المسلمين الذين لم يروا هذه الدولة وإنما نُقلت إليهم صورة مشوهة إما عن طريق المناهج الدراسية التي سهر الكافر المستعمر على وضعها في البلاد التي احتلها، أو عن طريق مَن يتحدث عنها من عملاء الغرب الفكريين الذين تصدروا المشهد الفكري والأدبي في بلادنا. فإذا بهم يرونها طموحاً يراود قطاعًا كبيرًا من الأمة وعملاً يسهر عليه حزب سياسي جعل الإسلامَ مبدَأَه واستئنافَ الحياةِ الإسلاميةِ غايتَهُ والخلافةَ طريقتَهُ لذلك. ولم تستطع أية قوة أن تجعل هذا الحزب المبدئي يتخلى عن العمل لاستعادة هذه الخلافة ولا حتى الضربات الأمنية التي وجهتها له القوى الحامية للعلمانية نيابة عن الغرب الكافر في بلادنا، وظل هذا الحزب يعمل بشكل عالمي سائراً على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ليستعيد المجد الضائع من الأمة بضياع دولتها. ونحن في السطور القادمة سنحاول أن نبين الدور الكبير الذي قام به حزب التحرير منذ تأسيسه سنة 1953م وحتى الآن ليجعل من العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة هدفا تسعى له الأمة، وذلك بعد أن كانت الخلافة فكرة مشوهة في أذهان المسلمين نتيجة لقيام فئة من الناس رضيت بأن تكون أداة بيد الكافر المستعمر ومعول هدم في الأمة بتشويه تاريخ الأمة الناصع وحرف الأمة عن أي توجه لاستعادة مجدها الضائع بضياع خلافتها، وسنرى كيف كانت الأمة غافلة عن مشروع الحزب، فكل ما كان متاحا للأمة أن ترى به خلافتها هو كتابات سقيمة لئيمة وأخرى تضع السم في الدسم، فتصور الخليفة رجلاً ممتلئًا منفوخ “الكرش” يجلس بين الجواري والقينات والعبيد يحتسي الخمر، وتصور الخلافة نظامًا قمعيًا فاشيًا عفى عليه الزمن، وإذا بالأمة بعد العمل الدءوب الذي قام به الحزب تدرك حجم التضليل الذي تعرضت له، وإذا بالخلافة تصبح مطلبا وقضية مصيرية لدى الأمة، ونستطيع أن نقول بأن الأمة اليوم تتجه نحو مشروع الخلافة العظيم الذي أصبح حديث العالم وهاجس الغرب الكافر وموضع بحث مراكز دراساته الفكرية والاستراتيجية.
|
خاتمة الكتاب
وختاماً ندعوكم أيها المسلمون: ندعوكم للعمل الجاد المجد مع حزب التحرير الواصل ليله بنهاره لإعادة الخلافة الراشدة، فالخلافة هي الحصن الحصين والحبل المتين وأمن الآمنين وملاذ الخائفين وقبلة التائهين، فيها عدالة السماء وفيها الرغد والهناء، هي القصاص والحياة وهي المعاش والثبات، وهي السبيل لإعلاء كلمة الله . وبالخلافة وحدها تعود مصر الكنانة قاهرة الصليبيين والتتار، إلى سابق عزها ومجدها، ناشرة للخير في ربوع العالم، فتكون أم الدنيا بحق باحتضانها لأم المسلمين؛ الخلافةِ الراشدة، فترفرف راية العقاب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم عالية خفاقة فوق ربوع القاهرة، فتقهر أعداء الله الكفار المستعمرين وتُعز المسلمين المؤمنين، ليعلن التاريخ بدء عهدٍ جديدٍ يشع نوراً وخيراً على البشرية جمعاء… عندها فحسب يحق للمؤمنين الصادقين والمؤمنات القانتات أن يكبروا بعزٍ وشموخ وهم مقبلون على ما يُحبون: ﴿وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ |