سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي” الحلقة الثانية والخمسون: القرينة الأولى: حصر واختصاص الله تعالى بالحكم والتشريع!
سلسلة “الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي”
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
الحلقة الثانية والخمسون: القرينة الأولى: حصر واختصاص الله تعالى بالحكم والتشريع[1]!
أولا: حصر الله تعالى لنفسه واختصاصه بأمر الحكم (التشريع)، فأنزله كتابا وسنة أوحى بهما إلى نبيه ﷺ، ومنع غيره منه (ما نصطلح عليه بمسمى الحاكمية). ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾ [يوسف: 40]، ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ ﴿وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾ ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ﴿أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً﴾ ﴿وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾. واعتبر غيره من الأحكام طاغوتا وجاهلية، ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ [النساء: 60]، واحتكاما للهوى حرمه ونهى عنه أيما نهي! ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: 49]، ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: 71]. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء: 105] فالله تعالى هو الذي يشرع لعباده، وهو الذي يُبين لهم – سبحانه – الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، والإيمان من الكفر، فلا حكم إلا له سبحانه، أي أن حق التشريع محصور بالله تعالى، نزل به الوحي قرآنا وسنة، ولا معقب لحكمه، ولا يجوز أن نبتغي غيره، أي غير تشريعه حكما في أي شأن، والخلافة هي التي تضع الأحكام التي يشرعها الله تعالى موضع التطبيق.
[1] التشريع يكون بما نزل به الوحي، من كتاب أوسنة، ومردهما إلى الله تعالى، فقد شاء أن يأتي التشريع قرآنا، وأوحى لرسوله الأكرم ﷺ التشريع سنة ما نطق بشيء منها عن الهوى، ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ النجم، ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ﴾ 45 الأنبياء.