نظرة إلى ما وراء النهر بعد هدم الخلافة
“ما وراء النهر” أو تركستان الكبرى، جاء الإسلام إليها في القرن الأول الهجري بقيادة قثم بن العباس.
ففي القرن الأول الهجري، غمر الله سبحانه أراضي ما وراء النهر بالدين الخاتم والكامل – الإسلام. معظم سكان هذه المنطقة أقبلوا على الإسلام بقلوب مقبلة، فأصبح إسلامهم راسخا. لقد حبى الله أهل هذه المنطقة بالطبيعة والقدرات الرائعة التي أعطاهم إياها الإسلام، الدين الذي سيبقى إلى الأبد حتى يوم الدين، وقد أدى دخول أهل ما وراء النهر في الإسلام إلى اكتشاف قدراتهم وإثبات قيادتهم في العديد من مجالات الحياة.
سرعان ما بدأ ممثلو ما وراء النهر في مختلف مجالات وعلوم الإسلام في النمو، وتطورت هذه الحركة بسرعة، وبدأ علماء كبار في الظهور في علوم مختلفة من جميع أنحاء العالم، وبهذا بدأ الإسلام والعلوم الإسلامية في التطور في ما وراء النهر، وسرعان ما أصبحت مدن بخارى وسمرقند وترمذ ونَسَف تعرف بالمدن الإسلامية. لم يخرج من بلاد “ما وراء النهر” أبرز العلماء في جميع العلوم المتاحة في ذلك الوقت فحسب، بل أيضا خرج العلماء العظماء الذين وضعوا الأسس لعدة علوم جديدة، وهذا دليل حي على أن دين الإسلام العظيم كان سببا في دخول أهل ما وراء النهر تاريخ الإنسانية والعلوم والثقافة.
لقد انتشر الإسلام في أجزاء أخرى من البلاد، وفقه السكان المحليون الإسلام بالفعل. وهذا هو السبب في أن أهل ما وراء النهر، الذين هم في الواقع قادرون، وجدوا هدفهم ومتعتهم في الإسلام. فبفضل الإسلام، حققوا نجاحاً كبيراً في جميع مجالات الحياة، وفي ظل الإسلام ازدهرت هذه البلاد، وأصبحت إحدى البلاد الرائدة في العالم في ذلك الوقت.
ولو نظرنا عن كثب إلى التاريخ، لوجدنا أنه قد نشأت شخصيات بارزة في جميع مناحي الحياة في ظل الحياة الإسلامية في ظل حكم الإسلام.
إن ازدهار الثقافة الإسلامية، وتقدم الدولة الإسلامية نحو التطور غير المسبوق في تاريخ العالم، وازدهار البلاد كان انعكاساً كبيراً للموقف الإسلامي تجاه العلم.
هذا هو السبب في خروج العلماء العظماء من بلادنا، الذين كانوا في الواقع لطفاء وقادرين. إن علماءنا، المعروفين في جميع أنحاء العالم في مختلف مجالات العلوم، قد أبدعوا وازدهروا في الوقت الذي ازدهرت فيه الثقافة الإسلامية. لقد حاول العلماء أن يكونوا واعين على كل علم قدر الإمكان.
إن شعبيتهم وقيادتهم في مجال معين هي ببساطة بسبب اكتشاف أحد العلوم المختلفة أو ندرة كتبهم. تصبح هذه الحقيقة أكثر وضوحاً عندما يكون المرء على دراية أفضل بسير العلماء المشهورين.
المعرفة النظرية في الإسلام تنبع من معرفة كلام الله وسنة النبي ﷺ. دراسة القرآن والحديث ستؤدي لتطوير العلوم الأخرى؛ لذلك، تم إحراز تقدم سريع. وفي الوقت نفسه، نشأ أئمة العلوم الإسلامية وأكملوا أعمالهم التي لا تضاهى.
يمكننا إعطاء مثال واحد فقط؛ حيث تحتوي سيرة أحد أبناء وطننا الأعظم نجم الدين عمر بن محمد بن أحمد النسفي في كتابه “القند في ذكر علماء سمرقند” على سيرة عشرة آلاف من علماء سمرقند. ومن المؤكد أن هذا الكتاب لا يشير إلا إلى العلماء الذين عرفهم المؤلف قبله.
ومع ذلك، سنذكر بإيجاز بعضهم في التفسير والحديث والعقائد وغيرها من العلوم كأمثلة:
- نجم الدين أبو حفص النسفي.
- العلامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني.
- الإمام جار الله أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري.
- الإمام أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي.
- الإمام أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي.
- أبو عبد الله محمد بن أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم البخاري.
- الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي.
- الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن فضل عبد الصمد التميمي السمرقندي الدارمي.
- أبو زيد عبيد الله بن عمر بن عيسى القاضي القاضي الدبوسي.
- الإمام علي بن محمد بن عبد الكريم فخر الإسلام البزدوي.
وغيرهم كثير…
وهكذا ازدهرت هذه الأراضي بالعلوم بسبب الإسلام.
وبعد أن هدمت الخلافة، احتلت روسيا ما وراء النهر وقسمتها إلى دويلات: أوزبيكستان، طاجيكستان، قرغيزستان، كازاخستان، وقتلت أجدادنا وأبادتهم. وبدلت حروفنا حروف القرآن التي أدت إلى ازدهار العلوم، عدة مرات، أي إلى اللاتنية أولا، ثم إلى الكريلية في الثلاثينات، وفي التسعينات إلى اللاتينية مرة أخرى لتجهيل الناس بإسلامهم وتاريخهم.
عندما كانت الخلافة قائمة، وجُنتنا موجودا كنا أعزاء، وبعدها أصبحنا أذلاء!
هكذا أصبحت حالنا منذ هدمت دولتنا وبتنا أيتاما على موائد اللئام!
لذلك، علينا في الذكرى التاسعة والتسعين لهدم دولة الخلافة قبل المئة أن نعمل حتى يأتي وعد الله بالنصر والتمكين، وإنه لآت قريبا بإذن الله فهو وعد غير مكذوب من رب العالمين لمن أخلص النية لله وعمل جاهداً لنصرة هذا الدين العظيم. ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مراد الأوزبيكي (أبو مصعب)
#YenidenHilafet
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah