بغياب الخلافة امتلأ العالم ظلما وجورا وساد الكفر وأهله
لم تكن الخلافة رحمة وهدى ونورا وحماية وأمنا للمسلمين فقط، بل لقد كانت ملجأ للخائفين وملاذا للمظلومين والمنكوبين من غير المسلمين. فقد لجأ إليها المضطهدون من شعوب الأمم الأخرى وحتى بعض ملوكهم ليجدوا عندها الرحمة والمأوى والعدالة. هذا كله سطرته صفحات التاريخ البيضاء لأمة الإسلام وللخلافة في العالم.
ذكر لنا التاريخ الملوك الذين هربوا من أعدائهم والتجأوا لدولة الإسلام لتحميهم وتمنعهم من عدوهم، كمثل ملك السويد الذي فر من عدوه واحتضنته الخلافة لسنين حتى أمن على نفسه وعاد لموطنه. ولقد ذكر التاريخ أيضا حادثة لجوء أم ملك فرنسا لعدل السلطان سليمان القانوني حين ناشدته ليحرر ابنها ملك فرنسا الذي كان قد أسره ملك إسبانيا ليذله، فاستجاب السلطان سليمان وبرسالة واحدة من السلطان سليمان لملك إسبانيا حرره وأعاده لأمه سالما غير مكلوم.
لقد كانت الخلافة عونا للشعوب والأمم وقت المصائب والكوارث ومعينا للشعوب المنكوبة، وخير مثال على ذلك معاونة الدولة الإسلامية لبولندا لما أصابتهم المجاعة، وحتى غيرها من الدول. وحتى اليهود لما لفظتهم أوروبا وأمريكا وكل العالم جاءوا لطلب اللجوء والأمان والمأوى في دولة الخلافة.
هذا غيض من فيض وقطرة من بحر للتدليل على ما معنى وجود الخلافة في الدنيا لغير المسلمين، فالخلافة ليست درعا حاميا للمسلمين فقط بل هي ملجأ وملاذ للشعوب المنكوبة والأمم المظلومة. وبغيابها استشرى الظلم والجور في العالم وحلت النكبات والويلات على الشعوب من الرأسماليين المستعمرين الذي لم يتركوا قارة ولا بلدا إلا وتدخلوا في شؤونها وأفسدوا حياتها إن هي لم تركع لهم وتستجب لإرادتهم وتسلطهم.
لقد كانت دولة الإسلام الدولة الأولى في العالم عبر قرون وكانت محافظة على أن لا يسود الكفر وأهله في العالم وكانت رادعة للكافرين من السيطرة على العالم وعلى التمدد فيه بلا رقيب ولا حسيب.
وبهدم الخلافة تمكن الكفر من السيادة على العالم دون أن يردعه الإسلام ويلجمه. فقد كانت دولة الإسلام وحتى القرن التاسع عشر الميلادي تقف كالسد أمام طموح الكافرين وآمالهم لاستعباد البشر في العالم كله.
هذا هو معنى غياب الخلافة للمسلمين وغير المسلمين. لقد فقد العالم كله بحق الرائد الذي لا يكذب أهله ونبراس الهدى للعالمين، ولذا فإن العالم بأسره بحاجة ماسة لعودة هذا الصرح العظيم، الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.