وحدة الأمة قضية مصيرية لا يجوز التهاون بها وعلى الأمة وجيوشها العمل لتحقيقها
بسم الله القائل ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، والقائل سبحانه ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، والقائل ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾. والصلاة والسلام على حبيبنا المصطفى ﷺ القائل «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، والقائل «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ».
هذا هو الإسلام المنزل على سيد وخاتم النبيين: جعلنا أمة واحدة كجسد واحد وبنيان واحد يشد بعضه بعضا ويألم بعضه لبعض، إذا فرطت فيه الأمة وبوحدتها على آصرة الإسلام، وخالفت أمر ربها، وارتضت غير سبيل الله وتحكيم شرعته، والاجتماع تحت مظلة دولته، تمزقت أعضاؤها، وتهدم بنيانها، وصارت لعبة الأمم. قال القرطبي: (فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة، فإن الفرقة هَلَكَة، والجماعة نجاة). ورحم الله ابن المبارك حيث قال: (إن الجماعة حبل الله، فاعتصموا). وعن النبي ﷺ قال: «أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»، وقال: «الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ».
أما عن معنى الجماعة في الاصطلاح، فهي كما ذكر الشاطبي في كتابه “الاعتصام” عن الإمام ابن جرير الطبري أنه قال: (الجماعة: جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير).
وأمة اجتباها الله لتكون أمة واحدة، تؤمن بربها الواحد، ونبيها محمد ﷺ الخاتم، كتابها نصوص محفوظة، وتتجه في صلاتها إلى قبلة واحدة، وتصوم في شهر واحد، وتحج أفواجها من كل فج عميق إلى وجهة واحدة؛ بيت الله الحرام، هذه الأمة بهذه المميزات لتعلم أن اجتماعها رحمة وسلام وسعادة لها وللعالمين، وأن استمرار تفرقها هذا هو استمرار لعذابها وشقاء العالمين، وتسلط الكافرين عليها واجتراء الخونة وأذناب الاستعمار عليها. أمة بهذه المميزات لجديرة أن تنهض لاستئناف حياتها الإسلامية وإقامة الخلافة والحكم بشريعة الله في كل ما أمر.
﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.
وحيث إن جيوش الأمة هم أبناؤها وهم نتاج رحمها، فهم الأولى والأقوى والأسرع لإحداث التغيير الذي يعيد مجدنا، وهم اليد التي تستطيع أن تهدم عروش الخيانة والفساد، وأن تبني صرح الخلافة والعزة من جديد، وتستأنف الجهاد، وتستعيد البلاد وكرامة العباد.
والأمة بجيوشها المرتهنة الآن بأوامر الخونة لتستطيع فك هذا الارتهان المخزي والمهين؛ لتخرج عملاقا يدوس كل الأقزام التي تكالبت عليها وتستأنف رسالتها بكتاب ربها كما أرادها الله، قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.