المادة -15-
المادة 15 – الوسيلة إلى الحرام محرمة إذا غلب على الظن أنها توصل إلى الحرام، فإن كان يُخشى أن توصل فلا تكون حراماً.
ودليلها قوله تعالى: ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ)) [الأنعام 108] فمسبّة الكفار من المباحات وقد سبهم الله في القرآن. إلا أن هذه المسبة إذا غلب على الظن أنها توصل إلى أن يسبّوا الله كانت حراماً؛ لأن سب الله لا يجوز، وهو حرام وفوق الحرام، ومن هنا استنبطت القاعدة الشرعية (الوسيلة إلى الحرام حرام) إلا أن هذه الوسيلة حتى تكون حراماً، فيجب أن يغلب على الظن أنها توصل إلى الحرام؛ لأن تحريم سب أصنامهم هو بسبب أنه يؤدي لسبِّ الله سبحانه، وذلك باستعمال فاء السبب ((فَيَسُبُّوا)) وإذا لم يغلب على الظن حصول سبِّ الله بسبب سب أصنامهم كغلبة الظن في أي حكم شرعي، فلا يكون لاستعمال (الفاء) دلالة على السببية وبالتالي على التحريم.، فإذا كان لا يغلب على الظن أن تلك الوسيلة توصل إلى الحرام، كأن كان فقط يُخشى منها أن توصل إلى الحرام، كخروج المرأة من غير نقاب (أي وجهها ظاهر) يُخشى منه أن يوصل إلى الفتنة، فإن الوسيلة في مثل هذه الحال لا تكون حراماً؛ لأن الخشية من التوصيل لا تكفي للتحريم. وهذا هو دليل هذه المادة.
ومثل هذه القاعدة قاعدة: الشيء المباح إذا أوصل فرد من أفراده إلى ضرر، حرم ذلك الفرد وحده وبقي الشيء مباحاً؛ وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين مر بالحِجْر، نزلها واستقى الناس من بئرها، فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئاً، وَلاَ تَتَوَضَّؤُوا مِنْهُ لِلْصَّلاَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ فَاعْلِفُوهُ الإِبِلَ وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئاً، وَلاَ يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلاَّ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ» رواه ابن هشام في السيرة وابن حبان في الثقات. فشرب الماء مباح، ولكن ذلك الفرد من أفراد الماء وهو بئر ثمود قد حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه يوصل إلى أذى، ولكن ظل الماء مباحاً. وخروج الشخص في الليل دون أن يكون معه صاحب مباح، ولكن خروج أحد من ذلك الجيش في تلك الليلة في ذلك المكان قد حرمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه يوصل إلى أذى، وما عدا ذلك ظل خروج الشخص ليلاً بدون صاحب مباحاً. وهذا دليل على أن الفرد الواحد من المباح إذا أوصل إلى أذى صار ذلك الفرد وحده حراماً وظل الشيء نفسه مباحاً.