العزة في نظام الخلافة والذلة والصغار في النظام الرأسمالي
الخبر:
وجَّه رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك بضرورة الإعداد الجيد وإحكام التنسيق بين مختلف القطاعات والمؤسسات لمشاركة السودان في مؤتمر باريس لدعم الاقتصاد السوداني والذي من المُقرَّر انعقاده منتصف شهر أيار/مايو القادم، وبأن تكون جميع المساهمات والمشروعات والبرامج المقدمة للمؤتمر في إطار أولويات الحكومة الانتقالية الخمس (الاقتصاد، السلام، الأمن، العلاقات الخارجية وقضايا الانتقال الديمقراطي). (صحف الخرطوم)
التعليق:
عندما هدمت دولتنا الخلافة في مثل هذه الأيام قبل مائة عام وفقدت الأمة عزتها ومكانتها الطبيعية في قيادة العالم بأسره ووسد الأمر إلى غير أهله من الرويبضات العملاء أصبح حكامها متسولين أذلاء في ظل نظام رأسمالي أملته دول الغرب عليهم وفرضته فرضا فكان الخضوع الكامل لهم، فقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فوضعوا نظام رب العالمين الخلافة جانباً، وعملوا بأنظمة وضعية علمانية. تلك الخلافة التي استعان ملك فرنسا فرانسوا الأول بها عندما وقع في الأسر، فبعد هزيمة فرانسوا الأول في منطقة بافيا في 25 شباط/فبراير 1525م، ووقوعه أسيراً في يد كارل الخامس وحبسه في مدريد، بحثت فرنسا عن حليف لها ولم يَعِدْها أحد بالمناصرة سوى العثمانيين الذين كان لهم تأثير كبير في المنطقة في تلك الفترة، فكتبت والدة فرانسوا الأول والوصية على العرش دوقة أونجوليم لويز دي سافوا، خطاباً موجها إلى السلطان سليمان، كما أرسلت سفيراً إلى العاصمة العثمانية، وكان نص الخطاب: (أرجأت فك أسر ابني حتى الآن أملاً في إنسانية شارلكان، بيْد أنه لم يقم بما تدعوه إليه إنسانيته التي بنينا عليها أملنا ورجاءنا بل أساء إلى ابننا وأهانه، وبناءً على هذا فإني ألتمس من جلالتكم وعظمتكم بصفة خاصة بأن تتفضلوا بإظهار فخامتكم بخلاص ابني وإنقاذه من قبضة ظلم عدونا وذلك بعظمتكم وجلالتكم المؤيدة والمصدق عليها من العالم).
وأيضاً قد أرسل فرانسوا الأول خطاباً بنفسه إلى السلطان جاء فيه: (إلى حضرة حاكم وسلطان البلاد والممالك من أنحاء العالم المعمورة، السلطان المعظم والخاقان المفخم الذي هو ملاذ جميع المظلومين، أعرض على حضرتكم ما في القلب وهو: عندما هاجمتم فرديناند الأول ملك المجر نجونا من السجن بفضلكم، وعندما هاجمتم شارلكان ملك إسبانيا ثأرنا منه وانتقمنا، أنت ملك الملوك جليل الشان، فأنا أسير فضلك من اليوم فصاعداً؛ أي منذ تكرمك بالانتقام منه وهزيمته).
فما كان من خليفة المسلمين سليماني القانوني إلا أن استجاب له.
وقد أورد أهل السير والتاريخ أن خليفة المسلمين عبد الحميد الثاني قد دفع 300 ليرة عثمانية أي ما يعادل نحو 90 مليون دولار أمريكي هي قيمة المساعدات النقدية التي أرسلها السلطان عبد الحميد الثاني إلى المتضررين من حرائق نشبت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1894م، خطوة من السلطان العثماني موجودة كافة المعلومات عنها في وثيقة عثمانية وتم الكشف عنها، والعثور في الأرشيف العثماني المحفوظ في قصر يلديز بإسطنبول على وثيقة تتضمن أمرا من السلطان عبد الحميد الثاني بتقديم 300 ليرة عثمانية إلى الشعب الأمريكي على وجه السرعة ولفت إلى وجود وثيقة ثانية تتضمن معلومات عن إشادة رئيس بلدية نيويورك آنذاك بهذه المساعدات وتقديم الشكر للسلطان عبد الحميد، فالولايات المتحدة الأمريكية شهدت عام 1894م حرائق غابات واسعة ما تسبب بأوقات عصيبة لسكان ولايتي مينيسوتا وويسكونسن، وهذه المساعدات تدل على الأهمية التي كان يوليها السلطان عبد الحميد للدبلوماسية الإنسانية، وهذا النهج الإنساني الذي أبداه السلطان لاقى اهتماما كبيرا في كل الصحف الأمريكية التي أثنت عليه.
نعم هكذا كنا وسنعود قريبا إلى قيادة العالم في خلافتنا الثانية على منهاج النبوة بإذن الله. ولمثل هذا فليعمل العاملون.