قيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة: وعد رباني لن يُخلف وبشارة نبوية ستتحقق
يعاني العالم معاناة لم يشهدها تاريخ البشرية من الانحدار في القيم والأخلاق والظلم والفساد، ويُبشر الله تعالى المؤمنين بالاستخلاف والنصر والتمكين لانتشال الناس من ويلات جاهلية العصر الحديث المتمثلة في النظام الرأسمالي الديمقراطي الغربي. واستخلاف المؤمنين سنة الله تعالى في أرضه؛ فقد جعل الله تعالى إنقاذ البشرية بيد الأمة الإسلامية وحدها بالحكم بما أنزل الله وإقامة الدولة التي تحكم بالإسلام وتطبق شرع الله تعالى على جميع الناس كما فعل سيدنا محمد ﷺ أول مرة.
قال تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [النور: 54-57].
ويقول تبارك تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 49-50].
وفرض الله تعالى على المسلمين أن يحكموا بما أنزل الله وإقامة حكم الإسلام في الأرض وتنصيب خليفة للأمة ينوب عنها في تطبيق شرع الله تعالى. وقد سار المسلمون على خطا حبيبهم ﷺ الذي أقام الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة والتي كانت اللبنة الأساسية في مرحلة نقلت العالم من ظلمات الجاهلية القديمة والكفر إلى نور الإسلام والعدل بالفتوحات الإسلامية وسطرت تاريخاً وعصراً ذهبياً حتى سقطت في عام 1924م.
أما الخلافة فهي حائط بيتكم *** حتى يبين الحشر عن أهواله
لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم *** فمصيبة الإسلام من جُهّاله
ولا زالت الأمة الإسلامية تمتلك هذه القدرة الفريدة على التغيير الجذري ومقوماته، ولتصبح هذه القدرة على التغيير فاعلة يجب أن يعمل المسلمون على إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعوامل قيامها جاهزة في الأمة وأسباب الحياة متوفرة لها بما تمتلكه من قوة مبدئية وبشرية ومادية تكفي لنهضة المسلمين؛
أما القوة المبدئية فهي الأفكار والمفاهيم والثقافة الإسلامية الراقية التي تنعكس في قوة الإيمان عن اقتناع كامل بالعقيدة الإسلامية وموافقتها للفطرة الإنسانية، فيتعامل المسلمون كأفراد وجماعات ودولة بمقياس الحلال والحرام، ومن ثمار هذه القوة تقوى الله والإخلاص في القول والعمل والسعي الحثيث لنوال رضوان الله تعالى ورجائه وعفوه ورحمته والخوف من عقابه وعذابه سبحانه وتعالى يوم القيامة، فبهذه القوة الإيمانية ينصلح حال الأمة وتنهض ويتنزل نصر الله تعالى وتتحقق بشارات رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقوة لا إله إلا الله محمد رسول الله وحب الأمة الشديد لرسول الله ﷺ – قائدها وأُسوتها – يجعلها لا تحيد عن اتباع طريقته عليه الصلاة والسلام في التغيير فتلتزم بطاعة الله جل وعلا وطاعة رسول الله ﷺ وطاعة من تولوا أمرهم فطبقوا شرع الله وكانوا سياسيين أقوياء بقوة المبدأ الإسلامي، قوة فكرية نهضوية ثقافية إنسانية تتمثل في ارتباط المسلمين بأوامر الله تعالى ونواهيه ارتباطاً عقدياً يجعل المبدأ حياً متحركاً صالحاً لكل العصور باستنباط أصول هذا الدين الحنيف واستنباط الأحكام الشرعية الربانية المتعلقة بالأنظمة المجتمعية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والحكم، والاجتهاد في ذلك، وتشمل سائر أجهزة الدولة وتظهر في جميع تفصيلاتها ومفاصلها داخلياً وخارجياً.
ومصدر هذه القوة أنها مستنبطة من القرآن الكريم ومن سنة رسول الله الكريم ﷺ ومصادر التشريع المعتبرة، فالقوة الثقافية الإسلامية والفقهية والعلمية ومواكبة المسلمين للعلوم المختلفة ترفد الأمة بالعلماء والعقول الفذة التي تستغلها القوى الغربية لصالحها فالمسلمون أولى بها؛ قوة فكرية لا تفشل بل تنجح لأنها برعاية خالق العباد وتقود البشرية إن طُبقت في دولة الخلافة الراشدة في مواد الدستور والقوانين التي هي الأحكام الشرعية الربانية التي ترعى شؤون الإنسان صغيراً كان أو كبيراً رجلاً كان أم امرأة من الشرق أو من الغرب، مسلماً وغير مسلم، فالإسلام جاء ليعالج ولينظم جميع أمور الإنسان الحياتية من حيث إنسانيته وفطرته، وهذه ثوابت لا تتغير مهما تغير الزمان والمكان. وهذه القوة أكثر ما يخيف أعداء الإسلام فهم يعلمون أن الإسلام مبدأ أساسه العقيدة الإسلامية وتنبثق عنها أنظمة ربانية تنجح في رعاية العالم أجمع وتتحدى مبادئ الكفر وبها تقود الأمة الإسلامية الأمم الأخرى وتحمل الدعوة وتنتصر بقيادة جيوش لا تُهزم تجاهد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، فالجهاد معطل اليوم والنصر مفقود بغياب الخلافة الراشدة:
بسيفك يعلو والحق أغلب *** وينصر دين الله أيان تضرب
أما القوة البشرية فالأمة الإسلامية حباها الله تعالى بالقدرة على الانتشار حيث بلغ عدد المسلمين في العالم وفق إحصائيات عام 2020 حوالي 1.9 مليار مسلم، والأعداد في ازدياد كبير حيث تشكل هذه النسبة ما يعادل ربع سكان كوكب الأرض، والأمة الإسلامية أمة شابة وتُقدر نسبة الشباب بين سن الثامنة عشرة والعشرين بأكثر من 33%، قوة الشباب الدافعة المؤثرة الواعدة الطموحة والمبدعة قوة نصرت رسول الله ﷺ:
هذا ابْنُ عَبَّاسٍ يخبرنا أن النبي ﷺ قال يَوْمَ بَدْرٍ: «مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَتَى مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا»، فَتَسَارَعَ إِلَيْهِ الشُّبَّانُ، وَثَبَتَ الشُّيُوخُ عِنْدَ الرَّايَاتِ… الحديث (النسائي والبيهقي)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “ما آتى الله عز وجل عبداً علماً إلا شاباً، والخيرُ كلُّه في الشباب” ثم تلا قوله عز وجل: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: 60]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: 13]، وقوله تعالى: ﴿وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِياً﴾ [مريم: 12].
شباب الأمة المؤمنون هم أبطالها يتوقون للنهضة والنصر والريادة، فالأمة تزخر بأمثال الصحابة رضوان الله عليهم؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأسامة وخالد ومصعب ومحمد الفاتح وقطز وبيبرس وعبد الحميد، شباب مخلص تقي يتوق إلى الحكم بما أنزل الله ورفع الظلم عن الأمة بتطبيق الإسلام، سياسيون يعملون لإسقاط الأنظمة العلمانية ويسعون جادين بنور الله تعالى إلى إقامة دولة رسول الله عليه الصلاة والسلام التي بشر بها حيث قال رسول الله ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ». حديث صحيح.
ومن المتوقع أن يصبح المسلمون أكبر “مجموعة دينية” في العالم، وذلك لأنهم تميزوا بمعدل مواليد مرتفع. وفي أوروبا والولايات المتحدة يُعتبر الإسلام ثاني أكبر ديانة في العالم حالياً بعد النصرانية، وأنه الدين الأسرع انتشاراً في العالم أجمع، ويتزايد عدد المسلمين في قارة أوروبا، فمن المتوقع أن تبلغ نسبة المسلمين حوالي 10% من مجموع الأوروبيين بحلول عام 2050م، أما نسبة المسلمين في الولايات المتحدة، فيوجد حوالي 3.45 مليون مسلم من جميع الأعمار في الولايات المتحدة، أي ما يقارب 1.1% من نسبة السكان فيها، ومن الجدير بالذكر أنه يوجد حوالي 2.15 مليون مسلم بالغ في الولايات المتحدة. (منقول).
وأما القوة المادية فلقد حبى الله تعالى الأمة الإسلامية بأهمية اقتصادية قصوى مما يجعلها صاحبة اليد العليا، وتتمثل هذه القوة في كثرة الأراضي والموارد والثروات الطبيعية المتنوعة؛ ثروات مائية، وزراعية، وحيوانية وسمكية، ومعدنية، تجري فيها كثير من الأنهار؛ مثل: نهر النيل، ونهر الكونغو، ودجلة والفرات وغيرها من الأنهار، بالإضافة إلى المياه الجوفية التي تحظى بها بلاد المسلمين، فتكثُر الغلات الزراعية؛ مثل: الأرز، والقمح، والخضراوات، والفواكه، والقطن والصمغ العربي وغيرها من المحاصيل التي سيطر عليها اليوم الغرب الكافر المستعمر. أما أراضي المسلمين فتحتوي على معادن تعتبر من أهم الثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية أهمها البترول والغاز الطبيعي، فالبلاد الإسلامية تسبق البقية في الإنتاج والاحتياطي، الذي يُقدر بأكثر من حوالي 75% من احتياطي العالم للبترول وأكثر من 25% من احتياطي الغاز الطبيعي، وينتج العالم الإسلامي اليوم نحو ثلث الإنتاج العالمي من النفط، ويساهم بأكثر من نصف النفط المعروض في الأسواق العالمية. وأهمية البترول والغاز الطبيعي كمصدر من أهم مصادر الطاقة لا تحتاج إلى كثير بيان؛ فبدونها لا يمكن قيام أي نوع من أنواع النشاط الاقتصادي. (منقول). وتتكامل البلاد في الثروات وتتوحد مع بعضها البعض لو كان للمسلمين دولة وحاكم يطبق نظام الإسلام، فمثلاً السودان أراضيه شاسعة ويسكنه عدد قليل مقارنة بالمساحة، بينما جارته مصر فتزخر بنعمة الكثافة السكانية في مساحة صغيرة فيتكامل البلدان وينعمان بأخوة إسلامية لم يهتك سترها إلا هذه الأنظمة الحاكمة الوضعية الفاسدة عملاء الغرب الكافر المستعمر الطامعين في ثروات بلاد المسلمين التي فرقتها حدود وسدود سايكس بيكو، وبلاد المسلمين التي حُكمت في عهد الخلافة الأولى لا زالت تتمتع جغرافياً بالموقع الاستراتيجي وتحتل قلب العالم بمساحاته الكبيرة في القارات الثلاث؛ آسيا وأفريقيا وأوروبا، وتمتد من ملقا بالملايو شرقاً إلى مالقة بالأندلس غرباً، ومن تنزانيا جنوب خط الاستواء حتى كازاخستان شمالاً، وبهذا يشكِّل المسلمون محيطاً عظيم الامتداد، يقع في صرة العالم ممسكاً بأطرافه، متحكماً في محيطاته وبحاره وخطوط ملاحته، زاخراً بأهم الأنهار، وأخصب الأراضي، وأعظم الثروات. (حاضر العالم الإسلامي/ علي جريشة القاهرة ص: 29). وقد أنزل الله تعالى الأحكام الشرعية الخاصة بالنظام الاقتصادي في الإسلام الذي جعل الذهب والفضة أساس العملة فقضى على الفقر، وعلى النصب والاحتيال بتحريم الربا والاحتكار الذي هو أساس النظام الاقتصادي الرأسمالي الفاشل، واليوم تسيطر أمريكا وأوروبا وكيان يهود على هذه الثروات وهذه الموارد والمعادن من خلال الدولار وهو عملة ورقية هشة، ونظام ربوي أدخل العالم في الأزمات الفظيعة. فلا بد للمسلمين من إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي يحكمها خليفة واحد ليستعيد هذه الثروات وإنفاقها على المستحقين الشرعيين.
أما ما تمتلكه الأمة الإسلامية اليوم من مقومات إقامة دولة الخلافة الراشدة فلا حدود له؛ فقيام الخلافة قرارها السياسي الشرعي وإعطاء النصرة لمن يقيمها فرض عظيم. والأمة الإسلامية تقية نقية تمتلك الحق في اختيار من يحكمها فالسيادة للشرع والسلطان للأمة، وتمتلك الأمة قوة الشباب الواعي في حزب التحرير الذي يعمل معها وبينها على طريقة رسول الله
ﷺ لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ويمتلك تصوراً عالمياً كاملاً شاملاً لإدارة الدولة، وقد وضع مسودة لدستور دولة الخلافة الإسلامية الذي يستند إلى العقيدة الإسلامية في جميع مواده المستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في جميع الأنظمة المجتمعية وأجهزة الدولة، ويدعو المسلمين ليلاً ونهاراً للعمل الجاد معه لإقامة الدولة وتنصيب الخليفة ومبايعته على السمع والطاعة، والذي أُسوة برسول الله عليه الصلاة والسلام يطلب من أهل القوة والمنعة نصرته تحقيقاً لوعد الله تعالى وبشرى سيدنا محمد ﷺ بالنصر والتمكين والخلاص القريب بإذن الله تعالى لأمة الإسلام من الظلم والاستعباد، فليس بعد السقوط إلا النهوض، فمعنى التمكين كما ورد في لغة العرب الفصحاء: “القوة والاستقرار والقدرة”. ورد في لسان العرب: “تقول العرب: إن بني فلان لذو مكنة من السلطان، أي تمكّن، قال ابن سيده: وقد مكن مكانة فهو مكين والجمع مكناء. قال الجوهري: تمكن من الشيء واستمكن، أي ظفر، وفلان لا يمكنه النهوض: أي لا يقدر”. والحقيقة أن هذا التمكين الموعود من الله تبارك وتعالى في ظلّ الخلافة الراشدة له معان عميقة معبرة؛
إن التمكين في الدين يشمل الإسلام كدين (مبدأ) ويشمل قوة الدولة المادية؛ لأن الإسلام كما نعلم دين ومنه الدولة. وفي هذا دلالة عظيمة على سعة العلوم وكثرتها في ظلّ هذه الدولة، سواء منها ما تعلق بعلوم الدين الشرعية أم بالعلوم الأخرى المدنيّة، وفيه إشارة كذلك لعودة الازدهار العلمي الذي حظيت به أمة الإسلام في العصور الزاخرة الزاهرة المزهرة!! وفيه إشارة كذلك لعودة الدولة الإسلامية – كما كانت – أول دولة من حيث التقدم العلمي والاختراعات والاكتشافات ودور البحث العلمي. وفي التمكين إشارة أيضاً إلى عظمة قوة الدولة العسكرية؛ لأن المكْنة، وهي القوة والمنعة، لا تكون إلا بأدوات القوّة والمنعة من الاستعداد العسكري. فالدولة التي ستقف أمام جبروت الكفار وآلتهم العسكرية الضخمة، ستكون حتماً صاحبة مكْنةٍ أكبر من تلك التي في يد عدوها، سواء في الناحية المادية أو الناحية المعنويّة عند الأمة، وفي التمكين أيضاً إشارة إلى القوة الاقتصادية والرفاه وبحبوحة العيش في رحاب هذه المكنة العظيمة. فالقوة المادية والمعنوية، والتقدم العلمي والصناعي، يحتاج إلى سندٍ عريضٍ من القوة الاقتصادية، وفي هذا إشارة إلى الاقتصاد العظيم الذي ستحظى به هذه الدولة في ظلّ الخلافة الراشدة الموعودة.” (منقول عن مقالة “في ظل الخلافة الراشدة الموعودة التمكين، والأمن، والاستقامة” – لكاتبه الأستاذ عبد الحميد إبراهيم).
فالأمة لا شك قادرة على التغيير، فذلك الطريق المستقيم.. فأقيموها أيها المسلمون.
قال تعالى: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62].