خوف الغرب من عودة الخلافة الراشدة
إن الغرب الكافر الذي هدم دولة الخلافة والتي مرَّ عليها قرن من الزمن، ها هو الغرب نفسه يرتجف خوفاً من عودتها خلافة راشدة على منهاج النبوة، وأبلغ دليل على ذلك الخوف، ما يقوله قادتهم، وما يصرحون به من أقوال وما يقومون به من أعمال؛ أما الأقوال التي تدل على مدى خوفهم ورعبهم من عودتها فكثيرة لا تحصى ولا تعد؛ منها تصريحات بوتين رئيس روسيا الذي قال في تصريح له في لقاء في التلفزيون الروسي الرسمي في حلقة أجاب من خلالها على 50 سؤالاً اختيرت من بين مليوني اتصال هاتفي من سكان روسيا قال: “إن الإرهاب الدولي قد أعلن الحرب على روسيا بهدف اقتطاع أجزاء من أراضيها وتأسيس خلافة إسلامية فيها”. قال هذا الكلام بتاريخ كانون أول/ديسمبر سنة 2002م. أما التصريح الثاني فقد نشر موقع مفكرة الإسلام أواخر سنة 2002م الخبر التالي: جهاز الاستخبارات الألماني يحذر من قيام الخلافة، وقد كشف الجهاز في تقرير مطول عن قيام رئيس جهاز الاستخبارات الألماني بجولة في عدد من الدول العربية وقد بدأها بمنطقة الخليج، والتقى خلالها بقادة عدد كبير من أجهزة الاستخبارات العربية، وكان ملف العراق والأصولية الإسلامية هما أبرز الموضوعات بالنسبة للرجل الذي يرأس واحداً من أنشط أجهزة الاستخبارات الدولية. وفي شأن الأصولية الإسلامية يقول: “إن محللي الاستخبارات الألمانية يتوقعون أن يشن الألوف من أنصار الحركات الإسلامية في أوزبيكستان وطاجيكستان وقرغيزيا هجوماً واسعاً هدفه إقامة دولة الخلافة في المنطقة”. وزاد قائلاً: “إن المسؤولين الألمان يولون توقعات جهاز الاستخبارات قدراً كبيراً من الثقة والمصداقية”. أما التصريح الثالث فقد كان لهنري كيسنجر في خطاب ألقاه في الهند بتاريخ السادس من تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2004م في مؤتمر هندوسات تايمز الثاني للقادة، حيث قال: “إن التهديدات ليست آتية من الإرهاب كالذي شهدناه في 11 أيلول/سبتمبر، ولكن التهديد الأكبر آت من الإسلام الأصولي المتطرف الذي يعمل على تقويض الإسلام المعتدل المناقض لما يراه الأصوليون في مسألة الخلافة الإسلامية”، وقال كيسنجر أيضاً: “إن العدو الرئيسي لنا هو الشريحة الأصولية الناشطة في الإسلام التي تريد في آن واحد قلب المجتمعات الإسلامية المعتدلة وكل المجتمعات الأخرى التي تعتبرها عائقاً أمام إقامة الخلافة”. مجلة النيوزويك في عددها الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2004م. وأيضاً فقد صرح توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق في 16/7 من العام 2005م أمام المؤتمر العام لحزب العمال قال: “إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة “إسرائيل” وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تحكم بالشريعة الإسلامية في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية”. وقد صرح الرجل كذلك في أيلول/سبتمبر من العام 2005م، قائلاً: “إن خروجنا من العراق الآن سيؤدي إلى ظهور الخلافة في الشرق الأوسط”. ويقول وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد في تعليق له حول مستقبل العراق، وكان ذلك في جامعة جون هوبكنز في 5/12/2005م: “ستكون العراق بمثابة القاعدة للخلافة الإسلامية الجديدة التي ستمتد لتشمل الشرق الأوسط وتهدد الحكومات الشرعية في أوروبا وأفريقيا وآسيا”، وأيضاً فقد ذكرت جريدة مليات التركية في 13/12/2005م أن “أصحاب الصلاحية في إدارة الرئيس بوش باتوا يتداولون كلمة الخلافة في الآونة الأخيرة كالعلكة”، وفي 5/9/2005م عاد جورج بوش ليتحدث عن الخلافة فقال “إنهم، أي المسلمين، يسعون إلى إقامة دولتهم الفاضلة الخلافة الإسلامية حيث يحكم الجميع من خلال هذه الأيدولوجية، ويشتمل نظام الخلافة الإسلامية على جميع الأراضي الإسلامية الحالية”. وفي مؤتمر صحفي في البيت الأبيض في 11/10/2006م تحدث فيه بوش فقال: “يريدوننا أن نغادر ويريدون أن يقلبوا الحكومات ويريدون أن يبسطوا خلافة إسلامية، هذه الأيديولوجية التي ليس لديها مبدأ الحرية الطبيعي في معتقداتها”. وقد نشر موقع أخبار البيت الأبيض بتاريخ 20/10/2006م عن جورج بوش قوله: “إن هؤلاء المتطرفين يريدون إقامة دولة الخلافة كدولة حكم”. وأيضاً من آخر التصريحات فقد كان لفلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا لموقع روسيا اليوم في العام 2018م عندما سئل عن سبب تدخلهم في سوريا قال: “لولا أننا تدخلنا في سوريا لأصبحت دمشق عاصمة الخلافة الإسلامية”…
وهذا كله إنما هو غيض من فيض من تصريحات قادة الكفر والتي لا يتسع المجال لذكرها، وهذه التصريحات تدل على مدى خوفهم، وحقدهم تجاه الإسلام والخلافة، وأيضاً فإنهم قاموا بأعمال كثيرة جداً في بلاد المسلمين كان الغرض منها هو تأخير قيام الخلافة؛ فقد تدخل الغرب الكافر بقواعده العسكرية في بلاد الخليج ومنها الحجاز في المنطقة الشرقية وأيضا في قطر قاعدة (العديد)، وفي البحرين وفي العراق وفي تركيا (إنجرليك)، وكل هذه القواعد الغرض منها هو ضرب أي تحرك مخلص لإقامة الخلافة في المنطقة العربية والإسلامية. وأيضاً فقد استعمر الغرب بعض البلاد الإسلامية استعماراً عسكرياً مباشراً كالعراق مثلاً وأفغانستان اللتين دمرتهما بالكامل ونهبت ثرواتهما وقتلت أهلهما ودمرت كل المشاريع الحيوية فيهما سواء الصناعية والزراعية، ودمرت قدراتهما العسكرية والاقتصادية وغيرها، وتركت العراق يعاني أهله الفقر والجوع والمرض والطائفية والحروب والفساد، وأصبح بلداً مدمراً ومحطماً بالكامل.
وعندما قامت ثورات الربيع العربي وحتى لا تكلل هذه الثورات بقيام الخلافة الراشدة فقد تدخلت الدول الغربية لحرف مسار تلك الثورات عن مسارها الصحيح، وقد جن جنون الغرب من هذه الثورات، وتدخلت كل الدوائر الغربية والمخابرات بقضها وقضيضها، واستطاعت أن تحرف هذه الثورات عن طريق العملاء، وعن طريق الدعم المادي، ولأن الثورات لم يكن لها مشروع سياسي واضح ولم تكن لها قيادة سياسية واضحة، فقد سهّل ذلك حرفها. ولما كانت المشاعر الإسلامية طاغية على ثورات الربيع العربي فقد عمدت الدول الغربية إلى القيام بأعمال القصد منها قتل هذه المشاعر الإسلامية حتى لا تكون وقوداً لثورة جديدة يصحبها مشروع سياسي من عقيدة الإسلام، وقد رأينا ما حصل في مصر والسودان بعد الثورات التي حصلت فيهما، ففي مصر تمت ملاحقة المسلمين في دينهم وبيوتهم ومشاعرهم ودمائهم وأبنائهم، وتم قتلهم والزج بهم في غياهب السجون وشيطنة الإسلام وأحكامه وتشويه صورته كما حصل بعد انقلاب السيسي المجرم في مصر، وفي السودان أيضاً بعد مجيء الحكومة الانتقالية، فمنذ اليوم الأول عمدت الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية إلى شيطنة الإسلام وأحكامه، وملاحقته وتجريمه كما صرح عدد كبير منهم بذلك، وتمت ملاحقة جميع القوانين ذات الصبغة الإسلامية ونشر مفاهيم الحريات والانحلال الاخلاقي، عن طريق الحكومة ووزرائها، وعن طريق حملة إعلامية مكثفة من قبل الإعلام، وما يسمى بالنشطاء السياسيين، وكل هذه الأعمال السياسية القذرة كان الغرض منها قتل المشاعر الإسلامية في نفوس المسلمين من أهل هذه البلاد. وأيضاً فقد حصلت تلك الملاحقات للمشاعر الإسلامية في عدد من البلاد الإسلامية ومنها بلاد الحجاز، ورأينا كيف أن سلمان وابنه عميلي أمريكا كيف أنهم لاحقوا القوانين ذات الصبغة الإسلامية، ولاحقوا العلماء والدعاة وسجنوهم وعذبوهم، وتم نشر الفوضى والانحلال الاخلاقي، وقتل المشاعر الإسلامية عند الناس، وقد انتشرت البارات وصالات الرقص والقمار والدعارة في بلاد الحجاز، وصارت أمراً شبه مألوف، وكل هذه الأعمال وغيرها كان الغرض منها هو القضاء على ما تبقى من المشاعر الإسلامية عند الأمة، حتى لا تكون محركاً لثورة جديدة تتوج بخلافة إسلامية لأن هذه المشاعر الإسلامية إذا ما تم تزويدها بمفاهيم صحيحة، ومشروع سياسي واضح فسوف تؤدي هذه المشاعر الإسلامية إلى عمل منتج يقلب الطاولة على الجميع.
وهذه هي أبرز الأعمال السياسية التي قام بها الغرب الكافر، ولا زال، في بلاد المسلمين للحيلولة دون عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
لماذا يخاف الغرب من عودة الخلافة الإسلامية؟ لأن الحديث عن الخلافة من وجهة نظر الدول الغربية هو انتهاء سيطرتها على العالم بأكمله واستعمارها له، وحرمان هذه الدول الغربية الاستعمارية من جميع ثروات الشعوب، ومنها الشعوب الإسلامية التي تشكل ثرواتها أكثر من 80% من ثروات العالم ومنها منابع النفط، ومناجم الذهب في الشرق الأوسط والخليج وأفريقيا وآسيا، وأنت تتحدث كذلك عن مشروع حضاري قوي الأوتاد صلب الشكيمة يمثل تحدياً عالمياً للحضارة الغربية بل بديلاً أصيلاً لها، أي أنك تتحدث عن نظام عالمي جديد، وعن نموذج مبدئي بديل لليبرالية والعلمانية الغربية، وإذا تحدثت عن الخلافة فأنت تتحدث عن طرد جميع شركات الدول الغربية في العالم، هذه الشركات المجرمة التي تسيطر على الشعوب وتنهب ثرواتها وخيراتها لمصلحة هذه الدول الغربية، وإذا تحدثت عن الخلافة فإنك تتحدث عن إنهاء سيطرة الرأسماليين المجرمين على العالم، وإذا تحدثت عن الخلافة فإنك تتحدث عن إنهاء سيطرة أمريكا عن التحكم في العالم وفي النظام العالمي، وأيضاً فأنت تتحدث عن طرد القواعد العسكرية الغربية بجيوشها من البلاد الإسلامية، ومن غيرها من البلدان الضعيفة، وإذا تحدثت عن الخلافة فإنك تتحدث عن إيقاف تصدير النفط والغاز الطبيعي والذهب والمنتجات الزراعية والصناعية والحيوانية، وكل الموارد الطبيعية التي تذهب إلى الدول الغربية، والتي تمتلئ بها جيوب وبطون الرأسماليين في تلك الدول الاستعمارية التي تنهب جميع ثرواتنا صباح مساء بتواطؤ تام من الحكام العملاء في بلادنا، وإذا تحدثت عن الخلافة فإنك تتحدث عن إنهاء سيطرة الدولار واليورو على الاقتصاد في العالم، وعن القضاء على شركات المال والسندات والاقتصاد الوهمي، وإذا تحدثت عن الخلافة فإنك تتحدث عن إنهاء سيطرة النظام الرأسمالي المجرم على العالم، وسيطرة الديمقراطية على البشر، وإذا تحدثت عن الخلافة فإنك تتحدث عن إسقاط حكام المسلمين العملاء، وعن إسقاط كل الوسط السياسي العميل المرتبط بالغرب، وإنهاء الثقافة الغربية في البلاد الإسلامية وإنهاء جميع مشاريع الغرب السياسية والعسكرية والاقتصادية والفكرية فيها، وإذا تحدثت عن الخلافة فأنت تتحدث عن إنهاء هذه التقسيمات الوطنية التي أوجدها الكافر، وعن إزالة جميع هذه الأنظمة العميلة وإزالة جميع هذه الحدود القطرية بين المسلمين، وإذا تحدثت عن الخلافة فأنت تتحدث عن كابوس يقض مضاجع الغرب، وبات يؤرقهم في نومهم ويقظتهم، وأنت تتحدث عن دولة عظمى، عن دولة إسلامية عالمية كما يصرح بذلك زعماء الغرب وأنها ستغطي جميع أراضي الإسلام الحالية والماضية لتمتد من أوروبا إلى شمال أفريقيا، وإلى الشرق الأوسط وإلى جنوب شرق ووسط آسيا مما يجعلها أهلاً لتولي قيادة العالم من جديد، وإذا تحدثت عن الخلافة فأنت تتحدث عن تطبيق الشريعة الإسلامية وجعل العقيدة الإسلامية أساساً للحياة وأساساً لكل فكر ولكل تشريع ولكل عمل، وتتحدث عن توحيد بلاد المسلمين وإنهاء هذا التشتت والتشرذم، وقلع النفوذ الاستعماري من هذه البلاد، وإزالة جميع أشكال الهيمنة الاستعمارية سواء السياسية بإزالة الأنظمة والتشريعات والأحكام المطبقة على أمتنا بواسطة العملاء، وإذا تحدثت عن الخلافة فأنت تتحدث عن الجهاد، وعن القتال، وعن إزالة كيان يهود من الأقصى، وعن عودة الانتصارات العسكرية، وعن بدر، وعن مؤتة، وعن معركة حطين، وعين جالوت، وعن الفتوحات الإسلامية لأن الغرب الكافر يعلم أن الخلافة الإسلامية ستضيف إلى الصراع الفكري والسياسي الصراع المادي، وستقاتل الغرب عسكرياً لأنها ستوحد مقدرات المسلمين المادية والعسكرية، وستقودهم مجتمعين إلى قتال الغرب الكافر في ميدان المعارك والقتال، وسيكون القتال تحت راية واحدة؛ راية لا إله إلا الله، وإذا كان الغرب الكافر يقاتل جماعات متفرقة من المسلمين في البلاد الإسلامية في الصومال وأفغانستان والعراق، وكيف أن هذه الجماعات قد هزمت أمريكا في معارك كثيرة كمعركة الفلوجة التي قتل فيها عدد كبير من جنود الاحتلال الأمريكي ومعارك الرمادي ومعارك الموصل تلك المدينة الصامدة التي لقّنت المحتل دروساً قاسية لن ينساها أبداً، حتى إن عدداً كبيراً من جنود المارينز أصيبوا بالجنون والأمراض النفسية والتبول اللاإرادي لبعضهم نتيجة للخوف والهلع ومبلغ الذعر الذي أصابهم نتيجة لصمود المجاهدين في تلك البلاد، وما قصة القناص العراقي الذي أقض مضاجع تلك الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا وكيف أنه قتل المئات من جنودهم وأدخل الرعب في قلوب البقية منهم، وكيف أنهم عجزوا عن الإمساك به وقتاً طويلاً لدرجة أنهم أصبحوا يتحدثون عنه في كل المحافل، وكيف أنه أقض مضاجعهم فكيف إذا تم توحيد كل جيوش المسلمين في العالم الإسلامي، وتم تحريكها وتحريك كل السفن والبوارج الحربية والمقاتلات والدبابات إلى ملاقاة العدو؟ فهل تستطيع تلك الدول الغربية مواجهة كل هذه القوة العسكرية؟ قطعاً لا. ولأن الغرب الكافر يعلم أن الخلافة عندما تقوم لن تقاتله في الشرق الأوسط وتخرجه منه فحسب، وإنما ستقاتله في أرضه، ولأن الخلافة بعدما تطبق الإسلام في داخل البلاد الإسلامية سوف تحمله إلى هذا الغرب بالدعوة والجهاد، وسوف تفتح بلاده وتزيل حكامه، وتزيل حضارته من الوجود إلى مزبلة التاريخ، وستخرج تلك الشعوب المستضعفة في كل العالم من جور الرأسمالية وظلمها وعسفها، وستملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن ملأها الغرب ورأسماليته جوراً وفسقاً، وقضت فيها على كل فضيلة، ونشرت فيها كل رذيلة، وستنسيهم وساوس الشيطان، وستحاسبهم على ما اقترفت أيديهم وكل الجرائم التي ارتكبوها في حق البشرية، وفي حق الأمة الإسلامية، والتي لم يسلم منها مسلم وطالت البشر والحجر والشجر، فهذه هي الخلافة، ولذلك يخاف منها الغرب الكافر، ويعمد على وضع كل العراقيل لتأخير قيامها، والحيلولة دون عودتها راشدة على منهاج النبوة.
ولكن أنّى لهم ذلك فإنا قد عقدنا العزم على إعادتها بإذن الله عز وجل، وإنا قد أحرقنا كل السفن والمراكب ولن نعود أدراجنا حتى نرفع راية العقاب خفاقة في كل مكان، وعلى تلك الربى، ونعيد مجدنا تليداً وتاريخاً مجيداً.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ فضل الله علي – ولاية السودان