بيان صحفي الخلافة ثمرة في متناول اليد فسارعوا لقطفها أيها المسلمون
يعود شهر رجب في كل عام وهو يحمل معه العديد من الذكريات التي يسعد بها المسلمون، ولكن شهر رجب يحمل لهذا الجيل من الأمة الإسلامية ذكرى خاصة لا يمكن تجاوزها وهي ذكرى هدم الخلافة في شهر رجب من العام 1342هـ. فهدم الخلافة كان الكارثة التي فتحت الباب أمام الكوارث المتتالية التي حلت بالأمة الإسلامية على مدار القرن الفائت. وبما أن الأمة الإسلامية ما زالت تعيش النتائج المباشرة لهذه الكارثة كان لا بد من إحياء هذه الذكرى إلى أن يصحح هذا الوضع وتعود للمسلمين الدولة التي تقيهم شر الأعداء وتحفظهم من كرب الكوارث وتعيد لهم شأنهم بين الدول.
منذ أن نجح الغرب الكافر المستعمر في مؤامرة هدم الخلافة للهيمنة على المسلمين وبلادهم؛ وهو ينزل بالأمة الإسلامية أشد أنواع القهر والأذى، حتى بات حال الأمة وكأنها وضعت على كرسي التحقيق في غرفة التعذيب! فأنزل فيها شتى أنواع الأذى المادي؛ فقتل أبناءها وانتهك أعراضها ونهب خيراتها واستباح أرضها ومزق بلادها ودس الفتن بين شعوبها. كما أنزل فيها أصنافاً من الأذى المعنوي؛ فذم أحكام الشريعة الإسلامية، وأساء لنبيها ﷺ والعياذ بالله، وعاب عليها طهارتها وعفتها، وهون من شأنها حتى طمع فيها أبالسة الإنس من المجرمين والسفاحين. وما نراه اليوم من تجرؤ على أطفال المسلمين في أصقاع الأرض، من خطف وتعذيب وأسر وإخفاء وقتل وتجويع وإهمال؛ ما هو إلا لأنه ليس لهذه الطيور البريئة والعائلات المستضعفة من ظهير؛ إمام يكون خليفة رسول الله ﷺ وعلى منهاجه، يجمع رجال الأمة وشجعانها ويسلط غضبهم على المجرمين ممن ظلموهم فينسيهم وساوس الشيطان. عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».
لقد أثبتت الانتفاضات المتتالية للأمة الإسلامية بأنها تتحين الفرص ولا تفوتها، فإذا برز لها من تراه واثقا بقدراتها ويتبنى مصالحها، أعطته ثقتها والتفت حوله وأعادت الكرة معه لمحاولة استعادة سلطانها الذي سلب منها. والعالمون بأحوال الأمة الإسلامية حتى من أعدائها يدركون حق الإدراك بأن الأمة بعد كل محاولة للانعتاق وإن لم تنجح، يتراكم في ذاكرتها ووعيها مدى حقد الغرب وعملائه عليها ومدى حاجتها لأن تقلع نفوذهم من بلادها. ولذلك واقع حال الأمة اليوم هو أنها تعارك قيودها كي تكسرها وتصك أسنانها من شدة الغضب وتنظر في عين جلادها متوعدة إياه بسوء العاقبة. وأهم ما في الأمر هو أن الأمة قد تبنت الخلافة على أنها النظام الذي جاء به الإسلام وكل ما يخالفه فهو حرام.
إن الأمة الإسلامية اليوم في صدام واضح مع الغرب وحضارته. ففي بلاد المسلمين حاولت الأمة الإسلامية قلب الطاولة على الأوضاع الاستعمارية في ما سمي بالربيع العربي ولم يستطع الغرب التصدي لهذه الانتفاضة إلا بالحديد والنار ولم يجد لها إلا حلولا مؤقتة، وفي بلاد الغرب التي هاجر إليها المسلمون، كانت مجمل جاليات المسلمين بشكل عام وعائلاتهم بشكل خاص عصية على الدمج في حضارة الغرب وما تحمله من كفر وانحلال وفجور؛ فجن جنون الغرب وكشر عن أنيابه وقام بحركة تكشف عن إفلاسه ويأسه من المسلمين، ألا وهي محاولة فرض العقيدة والحياة العلمانية بالقوة على المسلمين في بلادهم وفي بلاد الغرب ولو اضطر إلى تبني قرارات تصطدم بالرأي العام بشكل صريح. فقد حرض الرئيس الأمريكي شعبه والعالم على المسلمين، وقام الرئيس الفرنسي بالإطباق على الحياة الخاصة لعائلات المسلمين في فرنسا، وسعّرت الحكومات الاسكندنافية قرارات نزع أطفال المسلمين وإخفائهم عن عائلاتهم، وقام حكام آل سعود بسجن العلماء ومن ثم بفتح أرض الحرمين لجراد الفجار من الراقصين والراقصات، فتبعتهم دول الخليج العربي بإعلان تطبيع العلاقات مع كيان يهود المغتصب للأرض المباركة فلسطين. وهذا يدل على مدى تخبط الغرب وإفلاسه في أن يصهر الأمة في حضارته وفشله في إخضاعها.
إن حراك الأمة هذا لا يعني أنه لا يمكن لها أن تُخدع بالمشاريع المُسَمَّمة، وفي دهاليز السياسة، وبمقاربات خذ وطالب، وأفخاخ المنطق الميكافيلي، التي لا تنتهي إلا بغضب من الله وخسارة الدنيا والآخرة، ولا ينقذها من هذه الأفخاخ أو أن تثق بالعملاء إلا المخلصون القادرون على مخاطبتها فتسمع لهم ولنصحهم، وهؤلاء في زماننا هم المخلصون من صناع الرأي العام. وإلى هؤلاء نتوجه ونحذرهم الله أن لا يتوانوا عن كشف المؤامرات، وأن لا يجعلوا الأمة تسير خلف العملاء والخونة، وأن لا يصرفوا الأمة عن قضيتها المصيرية.
وهنا يدعو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير جميع الوسط الإعلامي من إعلاميين ووسائل إعلامية وخاصة المخلصين منهم، الحريصين على إخراج الأمة الإسلامية من حالة الهوان التي تعيشها، ندعوكم أن تكونوا أعوانا للحق ومناراة للخير فتشاركوا في تغطية فعاليات هذه الحملة للدعوة لإعادة الخلافة على منهاج النبوة.
أما أهل القوة والمنعة فهم آخر من يقف بين الأمة وتحقق عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فالأمة جاهزة للوحدة والخلافة وللبناء والنفير، ولا ينقصها إلا من يؤمِّن لها نقطة فيها أمان الإسلام فترتكز عليها وتنطلق منها إلى سائر العالم. وهذا لن يتحقق إلا بتحقق النصرة ممن هم قادرون على نزع عقال السلطان من يد الخونة والعملاء وإعادته إلى الأمة الإسلامية.
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً﴾.
المهندس صلاح الدين عضاضة
مدير المكتب الإعلامي المركزي
لحزب التحرير