كان لوصول حزب الشّعب الهنديّ الهندوسيّ بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى رأس السّلطة في الهند عام 2014 الأثر الكبير في تحوّل الهند بشكل متسارع إلى مكان يعدّ من أكثر الأماكن خطورة في العالم على المسلمين، الذين يشكّلون 12% من عدد السّكان. ومع تمكّن هذا الحزب بدأ بتنفيذ كلّ البرامج المحبّبة للحركة الهندوسيّة، فتمّ إلغاء الحكم الذّاتي لكشمير، وبدأ بالتّدخل في قوانين الأحوال الشّخصيّة الإسلاميّة، وضغط على قضاة المحكمة العليا لإصدار قرار نهائيّ في 2019/11/9 يمنح الهندوس أرض مسجد بابري – نسبة لظهير الدّين بابر أعظم سلاطين المسلمين في الهند – ويعطي المسلمين أرضا بديلة لبناء مسجد عليها، كما سنّ قانون الجنسيّة الذي استهدف المسلمين من أجل حرمان الكثيرين منهم من الجنسيّة. ومنذ نشأتها عملت هذه الحركة القوميّة الهندوسيّة (الهِندوتوا) بهدف تحقيق حاكميّة الهندوس المطلقة بالهند، وشنّت حربا مستمرّة على مسلمي البلاد. وقد أكّد مراقبون أنّ الهند مقبلة في ظلّ هذا الحزب – الذي يسعى حثيثا لتنفيذ كلّ برامج الحركة الهندوسيّة – على اضطرابات ومواجهات من شأنها أن تجعل حياة مسلمي الهند أسوأ من أيّ وقت مضى.

صار الاستهداف جليّا وواضحا ما دفع المسلمين إلى الخروج في مظاهرات شعبيّة كبيرة في أرجاء البلاد واجهتها الشّرطة بالقمع والتّنكيل، وقامت الحكومة بإنهاء هذه المظاهرات بالقوّة مستغلّة في ذلك أزمة كورونا. ولم يكتف هذا الحزب بذلك، بل تمادى في إجراءاته بسنّه قانون حظر الحجاب الذي طبّقته ولاية كارناتاكا جنوبي البلاد الأمر الذي أفاض الكأس ودفع المسلمين للخروج في مظاهرات حاشدة يندّدون فيها بهذه القوانين الجائرة التي تكرّس الكراهيّة والإقصاء، ما جعل الحكومة تصدر أمرا بإغلاق المدارس. تحريض ضدّ مسلمات الهند يُراد منه إذلالهنّ وإهانتهنّ، ولن يقف الأمر هنا بل ستعقبه إجراءات أخرى يتجرّأ فيها هؤلاء الكفرة على المسلمين كما تجرّؤوا من قبل، إذ يُنتظر كما صرّح بذلك مراقبون أن يمتدّ ليصل إلى حدّ التّهديد بهدم مساجد المسلمين ومنعهم من أداء صلاة الجمعة أيضاً وسط تصاعد الشّحن القوميّ والطّائفي في صلب انتخابات مهمّة في الهند فاقمت مخاوف المسلمين.

أيّها المسلمون: لقد بلغكم ما قامت به تلك الحرّة التي خرجت تكبّر وسط جمع من هؤلاء الكفرة غير مبالية بتهديداتهم معتزّة بحجابها قويّة أبيّة فلاقت منكم الاستحسان والدّعاء لها، خرجت مستعينة بالله متوكّلة عليه محسنة الظنّ به فضربت بذلك مثلا في الثّبات والصّمود للدّفاع عن خمارها وفرضها ودينها. فهلّا نصرتموها؟!

أيّها المسلمون: أخواتنا يُضطَهَدن ويُعنَّفن وتُنتَهَك أعراضُهنّ على يد حكومة هندوسيّة مجرمة تسعى لردّهنّ وجميع المسلمين عن دينهم، حكومة تنفّذ مخطّطات حزبها حتّى يحقّق حلمه “النّهضة الهندوسيّة” وينشئ دولة يسود فيها. فهي تبرمج إلى ما يسمّونه “شُودِّهي” أو التّطهير، أي إعادة الملايين من الهنود الذين اعتنقوا الإسلام أو النصرانية عبر العصور إلى حظيرة الهندوسيّة، لأنّ أجدادهم كانوا هندوسا كما يدّعون، وعلى أحفادهم أن يعودوا إلى دين آبائهم. ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.

فهلّا هببتم لنصرتهم؟ كيف ترضون بما يحوك هؤلاء لإخوتكم وأخواتكم؟! هلاّ اجتمعتم تحت راية لا إله إلّا الله محمد رسول الله، وتوحّدتم لإعلاء كلمة الله؟

يا أيّها المسلمون: نحن جسد واحد يتداعى بالسّهر والحمّى لكلّ عضو منه يشتكي ألما. أخواتنا يعانين ويأملن عودة دولتهنّ لتذود عنهنّ وتردّ كيد هؤلاء الكفرة المجرمين الذين لا يرقبون فيهنّ إلّا ولا ذمّة. فهلّا سارعتم بالمطالبة باستئناف حياتكم بالإسلام في ظلّ دولتكم حتّى تلمّ شملكم وشتاتكم ولا يجرؤ أحد على مسّ مسلم ولا مسلمة بسوء؟ فها أنتم ترقبون ما آلت إليه أوضاع المسلمين في كلّ بقاع الأرض منذ غياب دولتهم وتحكّم الأعداء فيهم.

هؤلاء الكفرة يبثّون دعايات مكثّفة وينشرون الأكاذيب والتّهم الملفّقة لجعل الغالبيّة الهندوسيّة تظنّ أنّ حقوقها مهضومة في بلدها، وأنّ ديانتها وثقافتها وحتّى وجودها في خطر خاصّة من المسلمين لتكون عصبة واحدة قويّة: ملّة كفر تؤيّدها الدّول الكافرة الأخرى التي ترفع شعار العلمانيّة معلنة حربها على الإسلام وأحكامه. فأين أنتم يا مسلمون؟! أين أنت يا أمّة الإسلام وأبناؤك كاليتامى على موائد اللّئام؟! هلّا ناديت بدولة العزّ وعملت مع الصّادقين من أبنائك وتبوّأت منزلتك التي اصطفاك الله لها؟

أيّها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها: إنّنا في القسم النسائيّ في المكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير نستنكر ما لحق ويلحق بأخواتنا في الهند وفي كلّ مكان في العالم من أذى، ونذكّركم وأنفسنا بأنّ الحلّ الجذريّ والوحيد لما نحن فيه من هوان وذلّ وضعف جعل أذلّة الأقوام تتجرّأ علينا هو إقامة دولة الخلافة التي فيها عزّنا وبها نستعيد مجدنا وسيادتنا.

﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ﴾

القسم النسائي

في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير