بيان صحفي هدم الخلافة أُمُّ الفواجع على المسلمين
في يوم الإثنين 28 رجب 1342هـ، الموافق 3 آذار/مارس 1924م، قام مصطفى كمال بجريمة إلغاء الخلافة، وإقامة الجـمهورية العلمانية على أنقاضها، وفصل الدين عن الدولة، وإخراج الخليفة من البلاد تحت رعاية وإشراف القائد العسكري البريطاني هارنجتون، ووزير الخارجية البريطاني جورج كرزون. وبموجب مرسوم تقدم به إلى الجمعية الوطنية، مطالباً أوروبا بالاعتراف بالجمهورية الجديدة، فسارعت الدول الأوروبية بالاعتراف باستقلال تركيا في الرابع والعشرين من تموز من العام نفسه وفقاً لمعاهدة لوزان، التي بموجبها انسحبت قوات الاحتلال البريطانية من إسطنبول العاصمة والمضائق، وغادر القائد العسكري البريطاني هارنجتون تركيا، حتى قال وزير الخارجية البريطاني كرزون أمام مجلس العموم البريطاني: “القضية أن تركيا قد قُضي عليها، ولن تقوم لها قائمة، لأننا قضينا على القوة المعنوية فيها: الخلافة والإسلام”.
إن هدم الخلافة حدث جسيم، ويعتبر بلا شك منعطفاً خطيراً في حياة الأمة الإسلامية، فقبل هذا الحدث كان المسلمون يعيشون في ظل دار الإسلام، ومن لم يستظل بظل الدولة الإسلامية كانوا يستطيعون الانتقال إلى الدولة للعيش بوصفهم رعايا فيها، وللتمتع بالحياة الإسلامية، وإبراء أعناقهم من وجوب وجود بيعة لخليفة، امتثالاً لقوله ﷺ: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». أما بعد هدم الدولة فلم يتمكن أي مسلم من الالتزام والتقيد بفرض العيش في دار الإسلام والاندماج في جماعة المسلمين. لذلك فإن ذكرى هدم الخلافة هي ذكرى حزينة وأليمة لأنها تتعلق بهدم أعظم دولة عرفتها البشرية. وبهدمها سقطت المفاهيم الدولية المبنية على المبادئ والقيم الرفيعة والأخلاقيات، وحلَّت محلها المفاهيم الدولية المبنية على المصالح والأهواء والماديات. كما أن هدم دولة الإسلام، يعني هدم الكيان الذي قام على يدي رسول الله ﷺ بعد دعوةٍ ومعاناة، وصراعٍ وكفاح لمدة 13 عاماً، تعرض خلالها هو وصحابته لشتى صنوف العذاب والأذى، بل وبلغ الأمر أن تتآمر عليه قبائل الكفر وأحزابه لقتله، فلم يثنه ذلك عن مواصلة دعوته وكفاحه حتى وصل إلى دار النصرة والمنعة حيث أقام للإسلام كيانه ودولته.
فبالرغم من أن فاجعة هدم الخلافة هي أمّ الفواجع، إلا أن هناك ما هو أدهى وأخطر من هذا كله، وهو فاجعة نسيان الأمة الإسلامية هذه الذكرى الأليمة وجهلها بخطرها، وأن يستمر هذا الجهل بأهمية الخلافة وبِعِظمِ فاجعة هدمها. ومن ذلك أيضاً أن يتمكن الغرب الكافر وعملاؤه من تشويه فكرة الخلافة وصورتها، وصرف أبناء المسلمين عنها، بل وحملهم على التنكر لها والنفور منها، والوقوف أمام من يعملون لإعادتها، بل وصل حال الغرب الكافر إلى جعل فكرة الخلافة محل أحاديث هزلية بين أوساط المسلمين، وفي مناهج التعليم والإعلام، لذا وجب على كل مسلم أن ينطلق عاملاً أو داعماً لإعادتها ولتطبيق الإسلام ورفع رايته واستعادة عزته لأن فرض الكفاية هو فرض على كل مسلم حتى تتم إقامته.
إن الإسلام هو دين الله، وله وحده الحكم والسيادة، ولا يمكن أن يوجَد ذلك أبداً إلا بدولة الخلافة. وكل حكمٍ بغير الإسلام هو ظلم وقهر وضنك، ولن يكون الحكم بالإسلام، وعلى كل دعوةٍ إلى الحكم بالإسلام، إلا بالخلافة لا غير، مهما اختلفت عناوين هذه الدعوة وأسمائها، لذلك أطلق الغرب حربه على الإسلام تحت مسمى (الحرب على الإرهاب). وهذا يُلزِم المسلمين أن يضاعفوا جهودهم وبذلهم في هذا الصراع، وأن يحْمِلوا مزيداً من أبناء الأمة على خوضه معهم لإقامة دولة الخلافة. وها هو حزب التحرير قد أخذ على عاتقه العمل في الأمة ومعها لإقامة هذا الفرض العظيم، وها هو يحيي الذكرى 101 لهدم دولة الخلافة ليس للتباكي ولا للتذاكر، بل للعمل لإعادتها، وليبين للأمة أن إعادة الخلافة فرض عظيم، تزخر بالحديث عنه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، منها قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾، فالحكم في هذه الآية وفي غيرها جاء عاماً شاملاً لكل ما أنزل الله، وبالتالي لا يُقام بتنفيذ جميع ما أنزل الله إلا من خلال دولة الخلافة. وقد أخرج الطبراني عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
كما يحيي حزب التحرير هذه الذكرى لإدراكه أن القضية المصيرية للمسلمين في العالم أجمع هي إعادة الحكم بما أنزل الله، عن طريق إقامة الخلافة بنصب خليفة للمسلمين يُبايع على كتاب الله سبحانه وسنة رسوله ﷺ، ليهدم أنظمة الكفر، ويضع أحكام الإسلام مكانها موضع التطبيق والتنفيذ، ويحوّل البلاد الإسلامية إلى دار إسلام، والمجتمع فيها إلى مجتمع إسلامي، ويحمل الإسلام رسالة إلى العالم أجمع بالدعوة والجهاد. فقد آن للمسلمين أن يعملوا لإيجاد خليفة لهم يعيد سيرة الفاتحين الذين حققوا الانتصارات، فكانت بدر الكبرى وفتح مكة والقادسية وفتح عمورية وبلاط الشهداء وفتح الأندلس وعين جالوت وفتح قبرص وفتح بلغراد وغيرها الكثير. ألا يعيد المسلمون سيرة صلاح الدين، رحمه الله، الذي قام بتحرير المسجد الأقصى من الصليبيين؟! ألا يعيد المسلمون سيرة المعتصم الذي سمع صرخة امرأة من سجن عمورية مستنجدة قائلة وا معتصماه فسمع المعتصم بالخبر وسارع في تجهيز الجيش وفتح عمورية؟! فمن يرُدّ للأمة هيبتها؟ ومن يرُدّ للأمة عزتها؟ فالبدار البدار لهذا العمل الجليل، كما قال سبحانه: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
إن اشتداد الأزمة مؤذن بانفراجها، وهذا الضيق الذي يكاد يلفّنا من كل جانب يجب أن يدفعنا لبذل الوسع والسعي الحثيث للأخذ بالأسباب الموصلة للهدف، مهما طال الطريق واشتد. فسلعة الله غالية، وسلعة الله الجنة، والجنة حفت بالمكاره، وتاج الفروض يستحق التضحية بكل غال ونفيس. فالخلافة لن تقوم وحدها، بل بسواعد المؤمنين الصادقين، وإننا لعازمون بإذن الله أن لا نترك سبباً مشروعاً نستطيعه إلا استعنا بالله وفعلناه، لعل الله يشفي صدورنا في وقت ليس ببعيد، وما ذلك على الله بعزيز. إننا نعمل وعيوننا تتطلع إلى الخلافة، وقلوبنا تخفق نحوها، وكلنا طمأنينة بقيامها، فرسول الله ﷺ أنبأنا بذلك وبشرنا «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، وكل هذا حقيق على أن يشحذ الهمم، ويقوي العزائم، ويشرح الصدور.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾
#أقيموا_الخلافة #الخلافة_101 #ReturnTheKhilafah #YenidenHilafet
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية اليمن