خوف الغرب من الخلافة يدفعه لتسخير طاقاته لإعاقتها

 

 

يعلم المسلمون أن الغرب لا يريد الإسلام حياً في كيان تنفيذي وأن دوله الاستعمارية وآلتها الإعلامية والاستخباراتية والسياسية تعمل على مدار الساعة للحيلولة دون عودة دولة الخلافة، فهو يدرك تماماً معنى عودتها ككيان سياسي وقيادة فكرية عالمية، ويتعامل مع فكرة عودتها كواقع متحقق لا محالة.

 

لا يحتاج المطلع إلى عناء كبير في متابعة ما يتاح له من المنشور إعلاميا من أعداء عودة دولة الخلافة في العالم، للتلاعب بالعقول ونشر الأكاذيب والتدليسات المضللة، من مقالات ومؤتمرات وندوات مخازن الفكر الغربي، للتأثير على مواقف المسلمين من دولة الخلافة وإبعادهم فكريا وسياسيا عنها، وتسهيل كل ما من شأنه خلق رأي عام مناهض لفكرة عودة دولة الخلافة عالمياً. ولا يقتصر ذلك على وسائط الإعلام التي تسيطر عليها الدول الغربية، بل إن أجهزتها السياسية والاستخباراتية وما يسمى بدوائر أمنها القومي تعمل على مدار الساعة بعيداً عن الإعلام وبالخفاء بمراقبة وتصعيد كل ما من شأنه أن يحول بين تحقيق أو اقتراب عودة دولة الخلافة، وتعرف هذه الأعمال من نتائجها التي تترك بصمات واضحة وآثاراً تشير بوضوح لهذا الاتجاه للعين الثاقبة والمتابعة سياسياً.

 

وللتدليل على ذلك نأتي على بعض الأمثلة للأعمال السياسية والإعلامية لاهتمام الغرب المستعمر الكافر البالغ في حربه على فكرة دولة الخلافة ومحاولة إقصائه لحاضنتها الجماهيرية الطبيعية وزرع فكرة استحالة عودة الخلافة وإمكانية استعادة المسلمين لمكانتهم التي تليق بهم في طليعة الأمم من خلال دولة الخلافة كقيادة فكرية سياسية للعالم، والعمل على الطعن بأدبيات حزب التحرير الرائد القائد في الكفاح السياسي، والحزب الجاد العامل لإقامة الخلافة، بوعيه الهاضم لفكرتها والمتصور لأجهزتها والمبصر المتابع للسياسة الدولية، وبمشروع دستوره وجهوزيته لقيادة دولة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله في كافة ما يتعلق بسياسة الدولة داخلياً وخارجياً.

 

أولاً: عندما نشر باتريك بوكانان المستشار السابق للرؤساء نيكسون وفورد وريغان، مقاله بعنوان “فكرة آن أوانها” بتاريخ 2006/06/23، لم يكن ذلك ليِؤكد على أن فكرة عودة دولة الخلافة من المغرب إلى باكستان باتت وشيكة، بل ليحذر من عودتها، بقوله “إذا كانت فكرة الحكم الإسلامي تترسخ بين الجماهير الإسلامية، فكيف يوقفها حتى أفضل جيش على وجه الأرض؟ ألا نحتاج إلى سياسة جديدة؟”.

 

وهو إذ يتحدث بنظرة فاحصة للواقع المشاهد آنذاك، ينذر الدول الاستعمارية الغربية للاستعداد لخطر دولة الخلافة القادمة قبل فوات الأوان، فهو يستعرض الواقع والإرهاصات ومنها ما يلي:

 

–     إن الفكرة التي يقاتل من أجلها العديد من أعدائنا فكرة مقنعة. فهم يؤمنون بأن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؛ وأن الإسلام، وهو التسليم والخضوع للقرآن، هو الطريق الوحيد إلى الجنة. وأن المجتمع الراشد هو الذي يوجب الحكم بالشريعة الإسلامية، فبعد أن جربوا سبلاً أخرى وفشلوا، ها هم يعودون إلى مهد حضارتهم في الإسلام.

 

–     ويتساءل مستنكراً: ما هي الفكرة التي لدينا لتقديمها؟ يعتقد الأمريكيون أن الحرية تتوافق مع كرامة الإنسان، وأن نظام السوق الديمقراطي والحر هو وحده القادر على ضمان الحياة الجيدة للجميع، كما حدث في الغرب وفي آسيا.

 

–     منذ زمن مصطفى كمال فصاعداً، اعتنق الملايين من الشعوب الإسلامية هذا البديل الغربي. لكن اليوم، يبدو أن عشرات الملايين من المسلمين يرفضونها، ويعودون إلى جذورهم في الإسلام النقي الطاهر، في الحقيقة أن صمود العقيدة الإسلامية أمر مذهل.

 

–     لقد نجا الإسلام من قرنين من الهزائم والإذلال للإمبراطورية العثمانية وإلغاء مصطفى كمال للخلافة. وتحملت الأمة أجيالاً من الحكم الغربي. وصمدت أمام الملوك الموالين للغرب في مصر والعراق، وليبيا، وإثيوبيا، وإيران. لقد تصدى الإسلام للشيوعية بسهولة، ونجا من هزيمة الناصرية عام 1967، وأثبت أنه أكثر صلابة واستدامة من قومية عرفات أو صدام. وها هو الإسلام اليوم يقاوم آخر قوة عظمى في العالم.

 

لعل صرخة التحذير التي أطلقها العشرات من أقطاب مراكز الفكر السياسي الغربي ومنهم بوكنان نيابة عن الغرب المستعمر لحاجته إلى سياسة جديدة لوقف فكرة الحكم الإسلامي والخلافة التي أصبحت تترسخ بين الجماهير الإسلامية، هي التي أوجدت المناورات السياسية الجديدة والخطط بعيدة المدى في محاولة لانتزاع مفهوم وتشويش فكرة الخلافة في عقول المسلمين وتخويفهم من المطالبة بها من خلال وصفها بالرجعية والوحشية والإرهاب.

 

ومن هذه السياسات الماكرة ابتعادها عن فرض ما يسمى بقيمها الديمقراطية على المسلمين مباشرة، والذي تبين لها فشله وعدم رضا المسلمين به، إبان الاحتلال العسكري لأفغانستان والعراق، وتوكيل هذه المهمة لرجالاتها من المسلمين كعلماء السلاطين والمنظمات الإسلامية وبعض الأحزاب الإسلامية، وتوفير المنابر للعلمانيين والليبراليين وتكريس القمع وتكميم الأفواه عن طريق العملاء الحكام.

 

فحاول هؤلاء ضرب فكرة عودة دولة الخلافة بوسمها بالحلم والاستحالة تارة، وإبعادها عن تأصيلها الشرعي ووجوبها الذي أجمع عليه العلماء، مدعيا أن الإسلام لم يوجبها، بل إنها كانت تصلح في زمان لم تعد تصلح له اليوم، وبأن شكل الحكم في الإسلام ليس ملزما بدولة الخلافة، وتنازلت الكثير من الأحزاب الإسلامية التي وصلت الحكم أو شاركت في الحكم العلماني، عن مفهوم تطبيق الشرع في دولة الخلافة لتمييعها وإبعادها عن اهتمام المسلمين بوجوبها.

 

أما الغرب المستعمر الكافر الماكر فمد أذرعه بالخفاء وعسكر دعاة الأعمال المادية من الجماعات الإسلامية التي باتت مشاهد القتل وقطع الرؤوس الوسم الذي نشرته إعلاميا لمن ادعى قيام الخلافة وهو لم يحقق من شرعيتها شيئا، إلا أن الغرب استفاد من ربط مسمى الخلافة بهؤلاء فشوه صورتها عند عامة الناس وبعض المسلمين في مهمة قذرة وهي الزيادة من صعوبة مهمة الحزب المخلص الذي يعمل من أجل عودتها، والذي ارتبط اسمه بها، فحزب التحرير يعني الخلافة والخلافة تعني حزب التحرير، ولكن الإعلام الغربي المستعمر وماكنات البحث الإلكترونية التابعة له باتت تربط اسم الخلافة والدولة الإسلامية، بتنظيم الدولة وغيره من الصور المشوهة في محاولة بائسة للتعتيم على نقائها وقوتها ومشروعيتها في الإسلام والتعتيم على الحزب الذي يعمل لها.

 

ثانياً: عقد كل من مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمركز التحليلات البحرية في فرجينيا، أمريكا، بالتعاون مع مركز ويلتون بارك في إنجلترا التابع لمكتب الشؤون الخارجية في المملكة المتحدة، وهو بمثابة منتدى عالمي للمناقشة الاستراتيجية، مؤتمراً في مقره بإنجلترا بتاريخ 2007/5/3 ولمدة 3 أيام، بعنوان “النضال من أجل الوحدة والحكم في الإسلام: إحياء الخلافة؟”

 

وقد أصدر كل من المركزين تقريراً خلص إلى 81 نقطة تدور حول عناوين رئيسة تم نقاش محاورها التي تدور حول: الوحدة والحكم في عهد الخلفاء الراشدين، الخلافة والسلطة في النظم السياسية الإسلامية بين النظرية والتطبيق، إحياء الدعوة للخلافة في القرن العشرين، عوائق وحدة الأمة الإسلامية، نظرات مناطقية حول الخلافة، لمحة عامة عن الجماعات التي تروّج لمفهوم الخلافة، التفكير من خلال التنفيذ ونموذج حزب التحرير، الدعوة والوسائط الإعلامية والرسالة، وأخيرا حول وجهات نظر إسلامية أخرى.

 

وقد قرر هذا المؤتمر ابتداء أن الأحزاب التي تدعو للخلافة هي متطرفة

 

وفيما يلي أهم النقاط الواردة في التقرير:

 

–     جمع هذا المؤتمر خبراء وعلماء ونشطاء وقادة في البلاد الإسلامية لمناقشة الوحدة والحكم في البلاد الإسلامية حتى تاريخه، وعلى وجه التحديد، ناقش المشاركون هذه القضايا في سياق التداولات الحالية حول الخلافة، أي النقاش الجاري بين بعض عناصر المجتمع في البلاد الإسلامية حول إقامة الخلافة في العصر الحديث.

 

–     يبدو أن هناك أقلية صغيرة فقط، ومعظمها من المتطرفين، تروج للخلافة كمؤسسة قابلة للحياة للقرن الحادي والعشرين، ومن خلال طرح وجهات النظر من جميع أنحاء البلاد الإسلامية – من أفريقيا إلى الشرق الأوسط إلى إندونيسيا – إلى طاولة البحث، تمكنا من تحديد مواقع وجهات النظر المتطرفة بدقة أكبر ضمن نطاق واسع جداً من التفكير الإسلامي حول هذه الأمور.

 

–     عند التفكير في مؤسسة الخلافة اليوم، يجب أن يؤخذ الماضي في الاعتبار لأنه لا يمكن فهم أي جانب من جوانب العقيدة الإسلامية تماماً دون النظر إلى التاريخ.

 

–     يتجلى صراع اليوم من أجل الوحدة والحكم في الإسلام، إلى حد ما، في الجدل الحديث حول الخلافة.

 

–     حتى الجماعات الحديثة التي تدافع عن نموذج الخلافة – وعلى الأخص حزب التحرير – تميل إلى عدم فحص الافتراضات الضمنية في رؤيته، التي تأتي على جوانب من النظام الحديث المرتكز على الدولة الموجود حالياً.

 

–     تبدأ كل دعوة لإعادة إنشاء الخلافة بإعادة قراءة التاريخ الإسلامي، فمنذ وفاة الرسول ﷺ، كان هناك سؤالان سياسيان ودينيان رئيسيان للمسلمين هما: من يستطيع أن ينوب عن النبي بعد موته؟ ما هي السلطة التي يجب أن يتمتع بها هذا الشخص؟

 

–     لم يتم إعطاء إجابات محددة في القرآن أو السنة. ونتيجة لذلك، فإن النظرية الهيكلية للنظام السياسي في الإسلام التي ظهرت لا تقدم شيئاً أكثر من قراءة حزبية للتاريخ الإسلامي المبكر، ما يعكس تفسيرات متباينة للخلافة المختلفة في كل عصر.

 

–     لا يوجد نظام محدد وفريد يوفر تعليمات خطوة بخطوة للحكم الإسلامي.

 

–     لن يعيد التاريخ نفسه: فليس من الممكن إعادة النظام الذي كان قائماً قبل عقود قليلة فقط قبل 15 قرناً، ويسعى عدد قليل جداً من المسلمين بنشاط للعودة إلى ما قبل حداثة النظام السياسي القديم الذي كان قائماً في القرن السابع.

 

–     هناك عقبات كبيرة أمام الوحدة الإسلامية العالمية، أو الخلافة الحديثة، تنبع معظم هذه العوائق من نظام الدولة القومية القائم، من الصعب تخيل كيف يمكن للمرء أن يفرض بنجاح هذا النوع من نظام الدولة الاسلامية على نظام الدولة القومية الحالي والواسع الانتشار، والمكون من آلاف المجموعات العرقية والقبائل والطوائف، فالوحدة الإسلامية لم توجد منذ زمن طويل، إن كانت موجودة أصلاً.

 

–     حتى لو اتفق المسلمون على الحاجة إلى خليفة أو زعيم رسمي آخر للأمة، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى نزاعات حول مثل هذه القضايا العملية مثل مكان مقر الخليفة، وأين ستكون “العاصمة”، وما هو شكل ولاية عهد الخليفة، وإلى أي مدى سوف تمتد سلطة الخليفة.

 

–     ربما يكون حزب التحرير هو الجماعة التي اشتهرت بتبنيها لفكرة الخلافة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنشطتها الإعلامية وأنشطة اتصالاتها التوعوية الفعالة للغاية، وهذه المجموعة ليست متجانسة. فحزب التحرير اليوم يتمتع باستقلال ذاتي إلى حد ما في كل بلد، ولا يوجد كيان مركزي يوافق على أنشطة كل فرع.

 

–     يضع حزب التحرير رؤية أوضح لكيفية هيكلة الخلافة إذا تم تنفيذها، وبحسب الجماعة، فإنهم يتطلعون إلى دولة إسلامية يقودها خليفة يطبق الإسلام. إنه لا يملك، بل يحكم. لا يوجد سوى ثلاثة مناصب حاكمة أخرى في الولاية: المساعدون المفوضون وحكام الولايات والعمال.

 

–     سيتخذ الخليفة الإجراءات التالية بمجرد تنصيبه: تبني اللغة العربية كلغة للدولة. معاملة جميع البلاد الإسلامية باعتبارها جزءاً فعلياً من دولته؛ إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع الدول المستعمرة والدول التي لا توجد معها معاهدات؛ الحفاظ على حالة الحرب مع الدول المعادية؛ الانسحاب من جميع المنظمات الدولية التي لا تستند إلى الإسلام (مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي)؛ ونقل الدعوة إلى الإسلام في جميع أنحاء العالم.

 

–     لقد وسع الإنترنت إلى حد كبير المساحة التي يمكن فيها نشر الدعوة إلى الخلافة، والموقع الإلكتروني لحزب التحرير Khalifa.com متطور للغاية ومكتمل بمخطط تنظيمي، هناك حركة مرور كبيرة على هذا الموقع، وغالباً ما يتم الاقتباس عنه في وسائل الإعلام.

 

–      المجموعات التي تروج للخلافة اليوم موجودة على الهامش. وجهات نظرهم ليست هي الاتجاه السائد. وفقاً لذلك، غالباً ما يُنظر إلى حزب التحرير على أنه غير عملي ويُنظر إلى أعضاء القاعدة ببساطة على أنهم انحرافات.

 

–     على النقيض من هذه العناصر الهامشية، يوجد حالياً عدد من القادة الإسلاميين المؤثرين للغاية الذين يتردد صدى وجهات نظرهم حول السياسة والقيادة والحكم في الدين لدى شرائح كبيرة من البلاد الإسلامية.

 

–     لا يوجد في القرآن ولا السنة اسماً لشكل من أشكال الحكومة، لكن المفكرين المسلمين المؤثرين المعاصرين يضعون أسساً للأشكال الحديثة للحكم الإسلامي، مثل راشد الغنوشي الذي يجادل أن على المسلمين المشاركة بالحكومات غير الإسلامية، وطارق رمضان الذي ذهب لأبعد من ذلك بقوله إن على المسلمين فصل مبادئهم الإسلامية والاندماج بالمجتمع الأوروبي، وأنه لا يجد شكل من أشكال الحكم في الإسلام.

 

–     من الجدير بالذكر أن أياً من هؤلاء العلماء لا يدعم فكرة إعادة الخلافة. ولا أحد من العلماء الحاضرين في هذا المؤتمر، على الرغم من أنه من الواضح أن هناك نقاشاً حيوياً حول الوحدة والحكم في العالم الإسلامي – مع مجموعة واسعة من وجهات النظر والآراء – فإن الغالبية العظمى من الناس لا يفكرون بجدية في فكرة إعادة الخلافة.

 

–     على الأغلب، يبدو أن الجماعات المتطرفة هي التي تنادي بإعادة إنشاء الخلافة، فحزب التحرير، الذي يتبنى التنظيم اللاعنفي، محركه الرئيسي هو الإطاحة بالحكومات القائمة وإقامة دولة الخلافة. على الرغم من أنه يبدو أن لديهم خطة واضحة المعالم لكيفية تفعيل هذه الخلافة، إلا أن هناك القليل من الأدلة على أنهم يحرزون أي تقدم في القيام بذلك، ويعتقد الكثيرون أن فكرة إعادة الخلافة هي أداة خطابية تُستخدم للكسب العددي، والتعاطفي، وتعبئة الأتباع، وإثارة غضب الأعداء، واكتساب الشرعية.

 

لا يحتاج المطلع والمتابع لعناء كبير لاستخلاص الرسائل التي أرادها هذا المؤتمر في نقاشه حول ما يسميه الكفاح من أجل الوحدة والحكم في الإسلام وتحديداً (إحياء دولة الخلافة)، الذي يحاول أن يضفي مصداقية لطروحاته، بحضور ثلة ممن يسميهم خبراء وعلماء ونشطاء وقادة في البلاد الإسلامية انتقاهم، ليعكس وجهة النظر التي تقصي وتستبعد الدعوة لإقامة دولة الخلافة الراشدة إن صدق في تقريره على لسانهم، من خلال التضليل والتشويه ومحاولة غزوه الفكري والسياسي للبلاد الإسلامية لسلخه كحاضنة جماهيرية لفكرة إقامة الخلافة والعمل من أجلها.

 

فهو ينزل حكمه اعتباطا وبدون أدلة بأن الجماعات التي تدعو للخلافة هي أقلية ولا يناقش صحة الفكرة وقوتها، ومن ثم فهو يصف هذه الجماعات بالمتطرفة، رغم أنه يأتي بعرض وجهات نظرها وخصوصاً وجهة نظر حزب التحرير الذي يؤكد على أنه لا عنفي أي أنه حزب سياسي إسلامي وله برنامج واضح المعالم في كيفية إقامة الدولة الإسلامية كما أنه وضع مشروع دستور وبرامج واضحة لتطبيق الإسلام عند إقامتها، فأين التطرف إذا كان هذا وصفه في تقريره؟

 

لا يمكن تفسير التشويهات التي وردت في نقاط تقريره إلا في سياق سعيه الحثيث كمؤسسات بحثية فكرية مشتركة بين أمريكا وبريطانيا كرأسي الكفر والاستعمار لمحاولة وضع المعوقات نحو ما يراه من حتمية عودة دولة الخلافة وتطبيق الإسلام بقيمه الرفيعة الإنسانية التي هزمت وأقصت أفكار القيم الرأسمالية والعلمانية الليبرالية الوحشية الفاسدة كما يراها العالم اليوم، وباتت هزيمته السياسية تلوح بالأفق، وهو يستمر في الكذب والتزوير والتضليل منذ عقود وتشتد حملته هذه كلما أيقن قرب إقامة الخلافة مستخدما شتى الوسائل الإعلامية والسياسية والندوات الفكرية علاوة على أدواته القمعية من حكام المسلمين العملاء، وعلماء المسلمين كوسيلة أقرب للتشويش الفكري والسياسي لنظام الحكم في الإسلام، وبلغ به الأمر استغلاله وزجه بالجماعات التي تقوم بالأعمال المادية من قتل وتشريد تحت اسم الخلافة لغواً وتشويهاً وتنفيراً.

 

لم يكن الغرب أكثر إفصاحا ونطقاً بنواياه السيئة التي يبيتها للأمة الإسلامية بعامة ولعودة دولة الخلافة تخصيصاً وهو مدرك وترتعد فرائصه من حتمية عودتها عندما يتساءل محذراً في نهاية تقريره: “هل يمكن استخدام الفهم العميق لدعوات الجماعات المتطرفة إلى الخلافة الحديثة لإبلاغ صانعي السياسات فيما يتعلق بمكافحة التطرف والإرهاب؟

 

ثالثاً: مقالة (الخلافة الإسلامية أم الدولة الوطنية؟) بتاريخ 2020/09/11، على موقع الحرة للكاتب الصحفي عمران سلمان، وهو بحريني أمريكي، عمل في عدة مشاريع مع مؤسسات بحثية أمريكية بينها مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حيث كان مدير تحرير أوراق ديمقراطية والخاصة بالعراق.

 

ونأتي على مقتطفات من هذه المقالة التي تعج بالعداء والتشويه والحقد لمشروع عودة دولة الخلافة:

 

–     الخلافة الإسلامية تنتمي إلى الماضي، شأنها شأن الإمبراطوريات القديمة، وقد انتهى عمرها الزمني بحلوه ومره، ويجب النص بوضوح في المناهج الدراسية على أنها لا تصلح للعصر الحديث وأنها تتناقض مع واقع الدول الحالية، وأن تدريسها هو محض عرض تاريخي ولا علاقة له بحاضر أو مستقبل هذه الشعوب.

 

–     ثمة افتراض آخر خاطئ، وهو أن الدول العربية كي تتقدم لا بد لها أن تتوحد. الدول العربية ليست بحاجة إلى الوحدة كي تنهض. هي بحاجة أولا إلى بناء دول وطنية حديثة تقوم على المدنية وحكم القانون وخدمة مصالح شعوبها.

 

–     دعوات الوحدة التي صدرت طوال المئة عام الماضية لم تكن أكثر من فكرة عاطفية، راقت للكثيرين وداعبت خيالهم، لكن غاب عنها تحقيق المصلحة، ولذلك انتهى بها الأمر إلى مجرد محاولة لإسقاط فكرة متخيلة على أرض الواقع.

 

–     قد يكون حلم الدولة العربية الواحدة مطلبا (وإن لم يكن واقعيا) لمن يعتقدون بإمكانية مثل هذه الوحدة، مع أن التاريخ الحديث والقديم لم يزكها على أي نحو من الأنحاء، أما حلم الخلافة الإسلامية فهو كارثة وكابوس مزعج، لا نتمنى لأحد أن يمر به.

 

–     طبعا تظل الدعوة إلى الوحدة العربية، على سذاجتها ومأساويتها، أهون بكثير من قصة الخلافة الإسلامية، هذه الأخيرة تعيدنا أشواطا بعيدة في الماضي، وهو ماض متخيل، تحسبه كل فرقة إسلامية بالصورة التي تشتهيها أو يوافق هواها السياسي، فيما تنبذه الفرق الأخرى وترى فيه شرا مستطيرا.

 

–     بمعنى آخر فإننا لا يجب أن ننظر إلى الخلافة الإسلامية بأكثر مما ينظر الغربيون اليوم إلى الحضارة الإغريقية أو الرومانية.. نستفيد من إيجابياتها في شأننا الحاضر لا أن نعود لها والعياذ بالله!

 

ويتضح من مقاله هذا مدى عدائه لعودة الخلافة بالتشويه الفكري والسياسي، الذي يتضح من خلال المراكز التي شغلها ووظف لها من قبل المؤسسات الديمقراطية الغربية.

 

رابعا: أما الصورة الرابعة عن تسليط الضوء على الخلافة فهي من كتاب الطوائف والحركات الإسلامية الصادر عام 2021، الذي يتحدث فيه الفصل السابع عشر بعنوان: حزب التحرير: حلم الخلافة لمؤلفته ميرم ايتكولوفا الكازاخستانية، تم تصنيف حزب التحرير في هذا الكتاب ضمن الجزء الثالث تحت عنوان “الأصوليون والمتطرفون”، وحسب زعم الكتاب فإنه يصف المتطرفين بأنهم الذين يستخدمون العنف لتحقيق غاياتهم ومع ذلك فقد أقحم حديثه حزب التحرير تحت هذا الجزء ليضعه تحت دائرة ضوء محاربة الإرهاب زورا وبهتاناً، فهو يصف الحزب بأنه سياسي لا عنفي.

 

 ونستعرض أهم التعليقات التي وردت فيه:

 

–     على خلفية الاضطرابات في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وعمليات إنهاء الاستعمار والاصطدامات الداخلية بين الدول العربية، لم يكن ظهور حركة إسلامية مثل حزب التحرير الذي يكافح بنظرته الخاصة للعدالة، أمراً غير متوقع، ومع ذلك، في عالم تم فيه رفض اقتران الدين والسياسة منذ فترة طويلة باعتباره رجعياً، كانت أفكار حركة جديدة تدعي أنها حزب سياسي، لكنها تقاتل بعناد من أجل الخلافة الإسلامية على طريقة النبي محمد بكل ثبات.

 

–     وهو تحت الأضواء ومركز اهتمام خاص من قبل الأجهزة الأمنية والمؤسسات الاجتماعية والسياسية في آسيا الوسطى، حيث اكتسب حزب التحرير شعبية واسعة منذ انهيار النظام السوفيتي. ومع ذلك، اكتسب حزب التحرير اهتماماً دولياً أقل من الحركات الإسلامية الأصولية الأخرى، وغالباً ما تكون الأبحاث حول هذا الحزب مثيرة للجدل، وتتأرجح بين وصفه بأنه “إرهابي” أو جماعة “سلمية”. وبهذا الخصوص، يحاول هذا الفصل تقديم المزيد من الأفكار حول تاريخ وأيديولوجية حزب التحرير والموقف الذي يتخذه من العنف.

 

–     حزب التحرير منظم بشكل جيد وأيديولوجيته محددة بوضوح. تشجع هذه الأيديولوجية على إحياء الأمة الإسلامية من خلال إنشاء خلافة، على غرار تلك التي كانت موجودة في عهد النبي محمد وخلفائه الأربعة الأوائل (الخلفاء الراشدين الأربعة). ويرى الحزب عيوب الحركات الإسلامية الأخرى في افتقارها إلى برنامج سياسي قوي وتعاونها مع العلمانيين ويعلن نفسه ليس كتنظيم ديني بحت، بل كحركة سياسية مستوحاة من الإسلام. لذلك، فهو يعارض أي أيديولوجيات أخرى – سواء كانت شيوعية أو رأسمالية أو أي شيء آخر – باعتبارها غريبة عن الإسلام.

 

–     فبالنسبة لحزب التحرير، الإسلام هو فكرة وطريقة وهو مكتفٍ ذاتياً، أنزله الله تعالى ولا يمكن أن يتوافق مع أي أيديولوجيات من وضع الإنسان. ولم تتغير المبادئ الأساسية لحزب التحرير منذ يوم تأسيسه، وعلى الرغم من التغييرات المتكررة في القيادة والظروف المتغيرة في العالم المعاصر، فإن أفكار النبهاني الأولية تشكل الأرضية الثابتة لحزب التحرير ويستمر في إلهام الكثير من المسلمين اليوم. ويعكس اسم الحزب هدفه الأساسي بتحرير البلاد الإسلامية من تأثير أنظمة الكفر.

 

–     يعتبر محمد إقبال وذو الكفل ذو الكفل حزب التحرير على أنه جماعة لها كل خصائص الحركة الأصولية، على الرغم من أنه غالباً ما يتم الخلط بينه وبين جماعة “إرهابية” بشكل غير دقيق.

 

–     يعتبر حزب التحرير اليوم من أكبر الحركات الإسلامية في العالم. فمنذ بدايته المتواضعة في فلسطين، انتشرت أفكار حزب التحرير بسرعة في العديد من البلدان، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى استراتيجية النبهاني التي شجعت أتباعه على السفر على نطاق واسع، وشخصيته الكاريزمية ونهجه الترحيبي لجميع المسلمين بغض النظر عن العرق أو الجنس أو المذهب الذي ينتمون إليه (عثمان 2012: 90).

 

–     كما أن حزب التحرير ينشر أفكاره بنشاط من خلال النشرات والكتيبات والمحاضرات والاجتماعات المنتظمة. اليوم، ربما يكون فرعه الإعلامي هو الأكثر تنظيماً وحداثة، عند مقارنته بوسائل الإعلام للمنظمات الإسلامية الأخرى. خلال العقد الأول من نشاطه، حقق حزب التحرير نجاحاً نسبياً في العديد من الدول العربية.

 

–     وهي موجود حالياً إما رسمياً أو سراً في أكثر من أربعين دولة. يعد الاستخدام الفعال لإمكانيات الوسائط الإعلامية إحدى السمات المميزة للحركة؛ وتتكيف مع أحدث طرق الاتصال، من خلال كتيبات مطبوعة وإعلامية مؤلفة باحتراف، وصفحات رسمية وغير رسمية في وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع ويب في البلدان التي توجد فيها. على سبيل المثال، ولفترة طويلة، كان لمكتب حزب التحرير في آسيا الوسطى صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، حتى تم حظرها من قبل المؤسسات الأمنية. ومع ذلك، فإن مرونة وسائل التواصل الاجتماعي تسمح لهم بمواصلة نشاطهم الخاص.

 

–     وفقاً لوجهة نظر النبهاني، فإن الإسلام نظام فكري كامل ومتماسك يمكنه تنظيم جميع جوانب الحياة. بحسب الموقع الرسمي لحزب التحرير، وهدفه استئناف الحياة الإسلامية ونقل الدعوة الإسلامية إلى العالم. ويعني هذا الهدف إعادة المسلمين إلى عيش نمط الحياة الإسلامية في دار الإسلام وفي مجتمع إسلامي بحيث تُدار جميع شؤون الحياة في المجتمع.

 

–     وفقاً لأحكام الشريعة، ووجهة النظر فيه الحلال والحرام في ظل الدولة الإسلامية وهي دولة الخلافة. تلك الحالة هي التي يعين فيها المسلمون خليفة ويعطونه البيعة للاستماع والطاعة بشرط أن يحكمهم بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله ﷺ بشرط أن يحمل الإسلام رسالة إلى العالم من خلال الدعوة والجهاد.

 

–     يكتب النبهاني عن الدولة الإسلامية أنها “ليست حلما ولا نسجاً من نسج الخيال، فقد سيطرت على التاريخ وأثرت فيه لأكثر من ثلاثة عشر قرنا”. توقع النبهاني أنه في البداية ستقام الخلافة أو الدولة الإسلامية في إحدى الدول الناطقة بالعربية وستشمل في النهاية جميع البلاد الإسلامية. ومع ذلك، أثبتت أفكاره لاحقاً أنها أكثر شيوعاً في أماكن أخرى.

 

–     جمع النبهاني الإسلام الكلاسيكي مع السياسة الحديثة، ما أسفر عن مشروع دستور (1953) للخلافة المستقبلية يحتوي على مجموعة قوانين للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة وسياستها الخارجية، وبحسب الدستور فإن رئيس الدولة الخليفة شخصية منتخبة ويجب أن يكون زعيما عدلا وخاضعا للمساءلة.

 

–     تتطرق أيتكولوفا أيضاً لوجهة النظر التي شرحها عدد من خبراء مكافحة الإرهاب بأن الحركة يمكن أن تكون بمثابة خطوة أولى على السلم نحو التطرف العنيف.

 

 

نعم المسلمون يحلمون بالعيش بالخلافة ولكنهم لا يحلمون بإمكانية عودتها لأن عودتها وعد من الله عز وجل وبشر بها النبي ﷺ، فصور دولة العدل والرحمة وتطبيق الأحكام الإسلامية والطراز الخاص للعيش الذي تتميز به دولة الخلافة، تمر أمام أعينهم كل يوم، فيرون خليفة بايعوه بالرضا والاختيار وأعطوه سلطانهم ليحكم فيهم شرع الله، ويرون ملكياتهم العامة توزع بالعدل بينهم، ويرون حقوقهم المعيشية مكفولة بأحسن ما يكون من رعاية، ويرون كيف يسارعون إلى الجهاد للقضاء على كيان يهود، ولا يرون سفارة غربية ولا نفوذاً لمستعمر على أراضيهم، وينتقلون من أقصى الدولة إلى أقصاها بدون جواز سفر أو حدود، وتتحقق وحدتهم عملياً في دولة تهابها الأمم، وهم يرون الخليفة كيف يخاطب الأمم ويحمل الدعوة للإسلام إليهم لإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن جور معتقداتهم وقيمهم إلى عدل ورحمة الإسلام…

 

من أجل ذلك كله يعمل أعداء الإسلام لتأخير عودة الخلافة بكل أساليب الشياطين، فهم يفهمون واقعها جيدا ويتصورونها كما يتصورها العاملون لها… فهل يعي المسلمون وجوب العمل لإقامة دولة الخلافة ويبذلون الغالي والنفيس من أجلها فهي قائمة بوعد الله وبشرى نبيه عليه الصلاة والسلام، فيكون من الفائزين برضا الله؟

 

فيا أمة الإسلام: إن تطبيق الإسلام هو فرض عليكم في كيان ودولة إسلامية لأن الإسلام لا يوجد إلا في كيان تنفيذي يطبق أحكامه وإن شكل نظام الحكم في هذا الكيان هو دولة الخلافة الإسلامية التي وردت أدلتها المستفيضة من السنة وإجماع الصحابة، كما ورد فرض تطبيق الإسلام وأحكامه في الكتاب في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾، فكيف يدرك المستعمر الكافر أهمية الخلافة ويدرسها ويدرس من يعمل لها ويصفهم بالإرهاب والتطرف ويحاربهم مباشرة ومن خلال أدواتهم ويتآمر عليها على كافة الصعد، وأنتم لا تدركون أنها قضيتكم المصيرية التي آن أوانها فتتخذوا حيالها الإجراء المصيري، ولا تجعلوا للكافرين عليكم سبيلا ولا تمكينا؟! فلا تجعلوا من ذكرى سقوطها تمر العام القادم مرة أخرى، بل ليكن بإذن الله عام إقامتها فتزلزل الأرض من تحت أرجل الطغاة الكفار، وتنعم البشرية التي طال انتظارها لعدلها ورحمتها.

 

#أقيموا_الخلافة           #الخلافة_101            #ReturnTheKhilafah                #YenidenHilafet

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. أحمد حسونة

تطبيق دستور الأمة الإسلامية


الخلافة ميراث النبوة


قناة الخلافة