آن للمسلمين أن يقولوا كلمتهم
لقد توجهت أنظار المسلمين عبر التاريخ إلى ما في يد الله عز وجل، ولذا سادوا الأرض، فمنذ مجيء الإسلام تحولت أنظار المسلمين وأعناقهم إلى السماء، فلقد علموا أن النصر من عند الله وأن أرزاق العباد من عنده وحده، وقد كانوا أيام الجاهلية يظنون أن النصر بالعدد أو بالشجاعة أو بالفطنة والخدعة، وكانوا يعتقدون أن رزقهم في الأرض وليس في السماء يتحكمون به بأنفسهم بسعيهم وفطنتهم وتدبيرهم، فلما جاء الإسلام أعلمهم بأن النصر والرزق بيده سبحانه تعالى ومن عنده، وبما أن النصر من عند الله والرزق بيده سبحانه، فماذا تبقى في هذه الدنيا وفي أيدي الناس ليذلوا أنفسهم له؟!
ولذا فقد انطلقوا في هذه الدنيا مبتغين وجه الله ورضوانه ورزقه ونصره وما في يده سبحانه فسادوا الدنيا وتحدوا الظلم والظلمة، فصاروا في رأس الأمم لا في ذيلها.
ما أحوجنا اليوم لترسيخ هكذا مفاهيم؛ مفاهيم الإيمان، ما أحوجنا لها لكي نتصدى للظلمة والمغتصبين لسلطان المسلمين، والمبددين لثرواتهم وطاقاتهم، ما أحوجنا لنرفض حدود سايكس بيكو التي مزقتنا وشرذمتنا ومنعتنا من نصرة غزة ونصرة العراق والشام من قبل، فهذه المفاهيم هي طاقة جارفة وثورة جامحة، فالرزق والنصر من عند الله تعالى، والحياة والموت بيديه والله بالغ أمره. قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾.
ولذا فعلى العلماء والخطباء والمفكرين والمؤثرين والمثقفين أن يقفوا موقفا مؤمنا مشرفا، وأن يتحركوا لتحريك كل فئات المجتمع في عالمنا العربي والإسلامي لنصرة دين الله وتحدي الظلم والظلمة متوكلين على الله وحده وموقنين بأن الرزق والنصر من عنده وحده وأن الحياة والموت بيده وحده، وأن هذا كله هو الحق اليقين، على الجميع أن يدرك أن الله مع من ينصره ومن يخرج لنصرة لدينه ويقول الحق في وجه الطغاة، على الجميع أن يتحركوا لدعوة الجيوش أن تتوقف عن طاعة الحكام المغتصبين للسلطة والمبددين لثروات الأمة والتابعين لأعداء الأمة، يجب دعوة الجيوش لطاعة الله عز وجل وعصيان الحكام وأن تتحرك لنصرة إخوتهم في غزة، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كفانا ذلا ومهانة واستجداء لأمم الكفر لتحل قضايانا وتحل مشاكلنا حسب أهوائهم وشهواتهم، فما حل الدولتين الذي تريده أمريكا إلا تضييع لفلسطين وترسيخ لاحتلالها، لقد آن الأوان أن يقول المسلمون كلمتهم ويضعوا حلولهم التي توافق شرعهم وترضي ربهم بتحرير فلسطين، كل فلسطين. لقد آن الأوان لنرضي ربنا سبحانه ونغضب حكامنا المتآمرين على قضايانا كلها وأولها فلسطين.
وكما ذكر آنفا متوكلين على الله وحده، مؤمنين أن الرزق من عنده والنصر منه، وأن الحياة والموت بيده وحده، بهذا الإيمان صمدت غزة ثلاثة أشهر أمام تحالف كيان صهيون وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والهند وكندا وإيطاليا وغيرهم، وبهذا الإيمان نستطيع الوقوف في وجه الحكام الظلمة والتحرك لدعوة الجيوش لعصيان حكامها والانتصار لدينها وأمتها، فليتحرك العلماء بإيمان ويقين وليحركوا معهم الأحزاب والنقابات والمفكرين والمثقفين بحركة عارمة لنصرة غزة ولنصرة دين الله، فإما النصر أو الشهادة، والله من وراء القصد. ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج ممدوح