هل أدركت الأمّة الإسلامية ما خسرته في زمانها هذا؟
إن النّاظر لواقع الأمة الإسلامية اليوم ليتعجب من أمرها، أولم تكن خير الأمم على مرّ العصور؟! ألم تنشر العدل في ربوع الأرض؟! فكيف ترضى بهذا الذل والشتات وضنك العيش ولا تقف وقفة حازمة تخرج بها من هذا الوضع؟!
لم تكن الأمة الإسلامية بمنأى عن سنة الله سبحانه في سقوط الأمم بعد قيامها، وهبوطها بعد ارتفاعها، ولكنها بمنأى دون الأمم على فنائها؛ فعَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ مَثَلَ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ، لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَوْ آخِرُهُ»، قال السندي: “أي المطر كله خير، أوله ينبت، وآخره يُرَبِي. كذلك هذه الأمة”. إذن هي أمّة تمرض ولا تموت، وتُجرَح ولا تُذبَح. وحتى تشفى من مرضها وتداوى جراحاتها ينبغي عليها أن تدرك سبب سقوطها الذي أودى بها للهلاك والضياع.
لقد عبّر القرآن الكريم عن أسباب قوة هذه الأمة وما تمتلكه من مواصفات لم تكن لغيرها من الأمم، ومنها اكتمال الدين على يدها وتمام نعمة الله عليها بلا نقصان ولا نسيان، وأنّه الدين الوحيد الصالح للخلائق كلها في إرشادها وهدايتها الصراط المستقيم.
يقول جلّ وعلا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾. يقول سيد قطب في تفسير هذه الآية: “أكمل الله هذا الدّين فما عادت فيه زيادة لِمُستزيد. وأتمّ نعمته الكُبرى على المؤمنين بهذا المنهج الكامل الشامل. ورضي لهم الإسلام دينا؛ فمن لا يرتضيه منهجا لحياته، إذن فإنّما يرفض ما ارتضاه الله للمؤمنين”.
نعم لم يرض المسلمون من قبلُ أن يعيشوا بعيدا عن دينهم الذي ارتضاه الله لهم، بل لا يرون العزة إلا به. يقول عمر بن الخطاب خليفة المسلمين: “نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله”.
وها نحن اليوم نُعاني الذل والهوان منذ ابتعدنا عن ديننا، يتحكم بنا حكام جبابرة أسقونا المرارة ألواناً، يُطبّقون علينا أنظمة وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان، قوانين تُشتّت شملنا وتقطع أوصالنا.
فيا أمة الإسلام تذكّري فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين: إنّ اختيار الله لك بأن تكوني آخر من يحمل رسالته لشرف عظيم.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعاد خشارم