الأرض المباركة… قضية إسلامية
أرض فلسطين أرض إسلامية لها خصوصية، لأنَّ الله تعالى شرفها وبارك فيها، إذ جعل المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وبارك فيه وما حوله، وجعلها مسرى رسوله ﷺ، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، وكانت هي الأرض المباركة التي عرج منها النبي محمد ﷺ إلى السماوات العلى واختارها الله سبحانه مهجراً لخليله، قال تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾، وصحَّ عن النبي ﷺ أنَّه قال: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا»، وبقيت قبلة المسلمين الأولى بعد الهجرة لمدة ستة عشر شهراً، لذلك احتلت أرض فلسطين مكانة خاصة في قلوب المسلمين، وتفاعلت الأمة الإسلامية كلها مع ما يجري من عدوان يهود عليها سواء بالمظاهرات والمقاطعة، وكان لمن يرفع راية القتال دفاعاً عنها مكانة خاصة واحترام كبير ومنزلة رفيعة.
فهذه القضية قضية إسلامية من أولها إلى آخرها، فيجب إخضاعها بكل تفصيلاتها وتفرعاتها لأحكام الإسلام، وهذا يحتم على المسلمين جميعاً أن ينظروا إليها من منظور واحد، ألا وهو منظور الإسلام وشريعته، وليس من منظور وطني أو قومي؛ وذلك أنَّ صراعنا معهم ليس صراعاً قومياً ولا وطنياً، بل هو صراع عقدي، وهذا يحتم علينا أن يكون الحلّ شرعياً أيضاً، يقوم على القتال والجهاد ضد أعداء الله يهود حتى يكون الدين كله لله؛ لذلك يجب أن يُنظر إلى القتال معهم من هذا المنظور.
إن الحل لقضية الأرض المباركة لا يكون عبر التعامل معها كقضية سياسية لأن ذلك يعتبر اعترافا صريحا بوجود كيان يهود على الأرض المباركة، ولا يكون من خلال الاحتكام إلى الأمم المتحدة التي تسعى بقراراتها إلى خدمة كيان يهود وضمان استمرار بقائه، ولا يكون عبر الدوران في دائرة مفرغة من التنديدات والاستنكارات وطلبات المقاطعة…
إن قضية فلسطين لن تحل ولن تنتهي إلا بتحريك جيوش الأمة لتطيح بحكام المسلمين العملاء، ولتسحق كيان يهود سحقا، وتقضي على دولتهم المسخ تحت أقدام جحافل جندها، فقد آن لهم أن يتحركوا ليحطموا عروش الطغاة ويقيموا الخلافة على منهاج النبوة لتسير الجيوش لتحرير مسرى النبي ﷺ وتطهر الأرض من رجس المحتلين.
لقد جاءت نصوص الشرع بأنَّ رحى القتال ستدور بين المسلمين واليهود في آخر الزمان في هذه البقعة المباركة، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، إنَّ القضاء على هذا الكيان الغاصب واسترداد أرض فلسطين من قبيل جهاد الدفع، فيجب على المسلمين من أهل فلسطين ومن بإزائهم القيام بذلك، حتى لو لم يكن للمسلمين حكم وسلطان ودولة، ويتوسع هذا الفرض في حال العجز عن تحقيقه ليشمل المسلمين كلهم.
فالواجب على الأمة بجيوشها وأبنائها أن تتحرك وتحرك أهل القوة لإسقاط الأنظمة العميلة والتحرك العسكري الفوري لإنقاذ الأرض المباركة ومسرى النبي ﷺ واقتلاع كيان يهود من جذوره وإلى الأبد.
وختاماً نقول: إنَّ الأمة الإسلامية أمَّة واحدة يجير أقصاها أدناها، وقضاياها واحدة، إن قضية فلسطين على مكانتها وأهميتها تبقى واحدة من قضايا المسلمين المتعددة والكثيرة ولها أحكامها الشرعية الواضحة والمعلومة من الدين بالضرورة، وهي أنها أرض محتلة ويجب تحريرها من قبل الأمة وجيوشها، وبالتالي كان العمل السياسي والشرعي الذي يحقق مصلحة القضية هو العمل على إسقاط الأنظمة الخائنة التي تحول بين الأمة وقضيتها، ولولا العوائق لوجدنا الكثير من أبناء الأمة من يتطوع تاركاً أهله وبلده وعمله، ليقاتل يهود الغاصبين، وينال إحدى الحسنيين؛ النصر أو الشهادة في سبيل الله، فما علينا إلا توعية الأمة وجيوشها على هذه الثوابت، لكي يتضح الحل وطريقته وتُزال العوائق، ويومئذ يتحقق وعد الله سبحانه بالنصر والتمكين، ﴿وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. وهذا يوجب على المسلمين العمل الجاد الحقيقي لإقامة حكم الإسلام وسلطانه، وفق طريقة النبي وهديه ﷺ في ذلك، لتعود بلاد المسلمين كلها تحت حكم الإسلام وسلطانه في دولة واحدة وإمام واحد.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فارس منصور – ولاية العراق